الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ٱدْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ آمِنِينَ } * { وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى ٱلْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدَاً وَقَالَ يٰأَبَتِ هَـٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّاً وَقَدْ أَحْسَنَ بَيۤ إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ ٱلسِّجْنِ وَجَآءَ بِكُمْ مِّنَ ٱلْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ ٱلشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِيۤ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَآءُ إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ }

قوله تعالى: { فلما دخلوا على يوسف آوى إليه } يعني ضم إليه { أبويه } قال أكثر المفسرين: هو أبوه يعقوب وخالته ليا وكانت أمه قد ماتت في نفاس بنيامين وقال الحسن هما أبوه وأمه وكانت حية بعد، وقيل: إن الله أحياها ونشرها من قبرها حتى تسجد ليوسف تحقيقاً لرؤياه والأول أصح { وقال ادخلوا مصر } قيل المراد بالدخول الأول في قوله فلما دخلوا على يوسف أرض مصر وذلك حين استقبلهم ثم قال ادخلوا مصر يعني البلد وقيل إنه أراد بالدخول الأول دخولهم مصر وأراد بالدخول الثاني الاستيطان بها أي أدخلوا مصر مستوطنين فيهما { إن شاء الله آمنين } قيل إن هذا الاستثناء عائد إلى الأمن لا إلى الدخول والمعنى ادخلوا مصر آمنين إن شاء الله وقيل إنه عائد إلى الدخول فعلى هذا يكون قد قال ذلك لهم قبل أن يدخلوا مصر، وقيل: إن هذا الاستثناء يرجع إلى الاستغفار فعلى هذا يكون في الكلام تقديم وتأخير تقديره سوف أستغفر لكم ربي إن شاء الله وقيل إن الناس كانوا يخافون من ملوك مصر فلا يدخلها أحد إلا بجوارهم فقال لهم يوسف ادخلوا مصر آمنين على أنفسكم وأهليكم إن شاء الله فعلى هذا يكون قوله إن شاء الله للتبرك فهو كقوله صلى الله عليه وسلم " وإنا إن شاء الله بكم لاحقون " مع علمه أنه لاحق بهم { ورفع أبويه على العرش } يعني على السرير الذي كان يجلس عليه يوسف والرفع النقل إلى لعلو { وخروا له سجداً } يعني يعقوب وخالته ليا وإخوته وكانت تحية الناس يومئذ السجود وهو الانحناء والتواضع ولم يرد به حقيقة السجود مع وضع الجبهة على الأرض على سبيل العبادة. فإن قلت كيف استجاز يوسف عليه السلام أن يسجد له أبوه وهو أكبر منه وأعلى منصباً في النبوة والشيخوخة؟ قلت: يحتمل أن الله تعالى أمر بذلك لتحقيق رؤياه، ثم في معنى هذا السجود قولان: أحدهما أنه كان انحناء على سبيل التحية كما تقدم فلا إشكال فيه، والقول الثاني أنه كان حقيقة السجود وهو وضع الجبهة على الأرض وهو مشكل لأن السجود على هذه الصورة لا ينبغي أن يكون إلا لله تعالى، وأجيب عن هذا الإشكال بأن السجود كان في الحقيقة لله تعالى على سبيل الشكر له وإنما كان يوسف كالقبلة كما سجد الملائكة لآدم ويدل على صحة هذا التأويل قوله ورفع أبويه على العرش وخروا له سجداً وظاهر هذا يدل على أنهم لما صعدوا على السرير خروا سجداً لله تعالى ولو كان ليوسف لكان قبل الصعود لأن ذلك أبلغ من التواضع. فإن قلت يدفع صحة هذا التأويل قوله

السابقالتالي
2 3