الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذَا جَآءَ نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ } * { وَرَأَيْتَ ٱلنَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ ٱللَّهِ أَفْوَاجاً } * { فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَٱسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً }

قوله عزّ وجلّ: { إذا جاء نصر الله والفتح } يعني فتح مكة وكانت قصة الفتح على ما ذكره محمد بن إسحاق، وأصحاب الأخبار " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما صالح قريشاً عام الحديبية اصطلحوا على وضع الحرب بين الناس عشرين سنة، وقيل عشر سنين يأمن فيهن الناس، ويكف بعضهم عن بعض وأنه من أحب أن يدخل في عقد محمد صلى الله عليه وسلم وعهده دخل فيه ومن أحب أن يدخل في عقد قريش، وعهدهم دخل فيه. فدخلت بنو بكر في عهد قريش، ودخلت خزاعة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وكان بينهما شر قديم ثم إن بني بكر عدت على خزاعة، وهم على ماءلهم أسفل مكة يقال له الوتير، فخرج نوفل بن معاوية الدؤلي في بني الدئل من بني بكر حين بقيت خزاعة على الوتير، فأصابوا منهم رجلاً، وتحاوروا واقتتلوا، وردفت قريش بني بكر بالسلاح، وقاتل معهم من قريش من قاتل باللّيل مستخفياً حتى حازوا خزاعة إلى الحرم، وكان ممن أعان بني بكر من قريش على خزاعة ليلتئذ بأنفسهم بكر بن صفوان بن أمية، وعكرمة بن أبي جهل، وسهيل بن عمرو مع عبيدهم، فلما انتهوا إلى الحرم قالت بنو بكر يا نوفل إنا قد دخلنا إلى إلهك فقال كلمة عظيمة إنه لا إله اليوم يا بني بكر أصيبوا ثأركم فلعمري إنكم لتسرفون في الحرم، أفلا تصيبون ثأركم فيه قال: فلما تظاهر بنو بكر وقريش على خزاعة، وأصابوا منهم ما أصابوا ونقضوا ما كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم من العهد والميثاق بما استحلوا من خزاعة، وكانوا في عقده خرج عمرو بن سالم الخزاعي حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وكان ذلك مما أهاج فتح مكة فوقف عليه وهو في المسجد جالس بين ظهراني الناس فقال:
يا رب إني ناشد محمدا حلف أبينا وأبيه الأتلدا قد كنتمو ولداً وكنا والدا ثمت أسلمنا فلم ننزع يدا فانصر هداك الله نصراً أعتدا وادع عباد الله يأتوا مددا فيهم رسول الله قد تجردا إن سيم خسفاً وجهه تربدا في فيلق كالبحر يجري مزبدا إن قريشاً أخلفوك الموعدا ونقضوا ميثاقك المؤكدا وجعلوا لي في كداء رصدا وزعموا أن لست أدعو أحدا وهم أذل وأقل عددا هم بيتونا بالوتير هجدا وقتلونا ركعاً وسجدا فانصر هداك الله نصراً أيدا   
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قد نصرت يا عمرو بن سالم ثم عرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم عنان من السماء، فقال إن هذه السحابة لتشهد بنصر بني كعب "

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10