الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ ٱلرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَآءَكَ فِي هَـٰذِهِ ٱلْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ } * { وَقُل لِّلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ } * { وَٱنْتَظِرُوۤاْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ } * { وَلِلَّهِ غَيْبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ ٱلأَمْرُ كُلُّهُ فَٱعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }

قوله سبحانه وتعالى: { وكلاًّ نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك } لما ذكر الله سبحانه وتعالى في هذه السورة الكريمة قصص الأمم الماضية والقرون الحالية وما جرى لهم مع أنبيائهم خاطب نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله وكلاًّ نقص عليك يا محمد من أنباء الرسل يعني من أخبار الرسل وما جرى لهم مع قومهم ما نثبت به فؤادك يعني ما نقوي به قلبك لتصبر على أذى قومك وتتأسى بالرسل الذين خلوا من قبلك وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم إذا سمع هذه القصص وعلم أن حال جميع الأنبياء مع أتباعهم هكذا سهل عليه تحمل الأذى من قومه وأمكنه الصبر عليه { وجاءك } يا محمد { في هذه الحق } اختلفوا في هذا الضمير إلى ماذا يعود فقيل معناه وجاءك في هذه الدنيا الحق وفيه بعد لأنه لم يجر للدنيا ذكر حتى يعود الضمير إليها وقيل في هذه الآية وقيل في هذه السورة وهو الأقرب وهو قول الأكثرين فإن قلت جاءه الحق في سورة القرآن فلم خص هذه السورة بالذكر قلت لا يلزم من تخصيص هذه السورة بالذكر أن لا يكون قد جاءه الحق في غيرها من السور بل القرآن كله حق وصدق وإنما خصها بالذكر تشريفاً لها { وموعظة وذكرى للمؤمنين } أي وهذه السورة موعظة يتعظ بها المؤمنون إذا تذكروا أحوال الأمم الماضية وما نزل بهم { وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم } فيه وعيد وتهديد يعني اعملوا ما أنتم عاملون فستعلمون عاقبة ذلك العمل فهو كقوله: إعملوا ما شئتم { إنا عاملون } يعني ما أمرنا به ربنا { وانتظروا } يعني ما يعدكم به الشيطان { إنا منتظرون } يعني ما يحل بكم من نقمة الله وعذابه إما في الدنيا وإما في الآخرة { ولله غيب السموات والأرض } يعني يعلم ما غاب عن العباد فيهما يعني أن علمه سبحانه وتعالى نافذ في جميع الأشياء خفيها وجليها وحاضرها ومعدومها لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء { إليه يرجع الأمر كله } يعني إلى الله يرجع أمر الخلق كلهم في الدنيا والآخرة { فاعبده } يعني أن من كان كذلك كان مستحقاً للعبادة لا غيره فاعبده ولا تستغل بعبادة غيره { وتوكل عليه } يعني وثق به في جميع أمورك فإنه يكفيك { وما ربك بغافل عما تعملون } قال أهل التفسير هذا خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ولجميع الخلق مؤمنهم وكافرهم والمعنى أنه سبحانه وتعالى يحفظ على العباد أعمالهم لا يخفى عليه منها شيء فيجزي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته. قال كعب الأحبار: خاتمة التوراة خاتمة سورة هود والله أعلم بمراده وأسرار كتابه.