الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَّعْوَتُكُمَا فَٱسْتَقِيمَا وَلاَ تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } * { وَجَاوَزْنَا بِبَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ٱلْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّىٰ إِذَآ أَدْرَكَهُ ٱلْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لاۤ إِلِـٰهَ إِلاَّ ٱلَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنوۤاْ إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ }

{ قال } الله عز وجل لموسى وهارون { قد أجيبت دعوتكما } إنما نسب الدعاء إليهما وأن الداعي هو موسى وحده لأن هارون عليه السلام كان يؤمن والتأمين دعاء لأنه طلب وسؤال أيضاً ومعناه اللهم استجب فصار بذلك شريك موسى في الدعاء فلذلك قال تعالى قد أجيب دعوتكما { فاستقيما } يعني على تبليغ الرسالة وامضيا لأمري إلى أن يأتيهم العذاب { ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون } يعني ولا تسلكا طريق الذين يجهلون حقيقة وعدي فإن وعدي لا خلف فيه ووعدي نازل بفرعون وقومه فلا تستعجلا. قيل: كان بين دعاء موسى عليه السلام وبين الإجابة أربعون سنة. قال الإمام فخر الدين الرازي: واعلم أن هذا النهي لا يدل على أن ذلك قد صدر من موسى وهارون كما أن قوله لئن أشركت ليحبطن عملك لا يدل على صدور الشرك منه. قوله عز وجل: { وجاوزنا ببني إسرائيل البحر } أي: وقطعنا ببني إسرائيل البحر وعبرناهم إياه حتى جاوزوه وعبروه { فأتبعهم فرعون وجنوده } يعني لحقهم وأدركهم { بغياً وعدواً } أي ظلماً وعدواناً وقيل البغي طلب الاستعلاء بغير حق والعدو الظلم وقيل بغياً في القول وعدواً في الفعل. قال أهل التفسير: اجتمع يعقوب وبنوه إلى يوسف وهم اثنان وسبعون وخرجوا مع موسى من مصر وهم ستمائة ألف وذلك أنه لما أجاب الله دعاء موسى وهارون أمرهما بالخروج ببني إسرائيل من مصر في الوقت الذي أمرهما أن يخرجا فيه بهم ويسر لهم أسباب الخروج وكان فرعون غافلاً فلما سمع بخروجهم ومفارقتهم مملكته خرج بجنوده في طلبهم فلما أدركهم قالوا لموسى أين المخلص والمخرج البحر أمامنا وفرعون وراءنا وقد كنا نلقى من فرعون البلاء العظيم فأوحى الله سبحانه وتعالى إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فضربه فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم وكشف الله عن وجه الأرض وأيبس لهم البحر فلحقهم فرعون وكان على حصان أدهم وكان معه في عسكره ثمانمائة ألف حصان على لون حصانه سوى سائر الألوان وكان مقدمهم جبريل وكان على فرس أنثى وديق وميكائيل بسوقهم حتى لا يشد منهم أحد فلما خرج آخر بني إسرائيل من البحر دنا جبريل بفرسه فلما وجد الحصان ريح الأنثى لم يملك فرعون من أمره شيئاً فنزل البحر وتبعه جنوده حتى إذا اكتملوا جميعاً في البحر وهمّ أولهم بالخروج التطم البحر عليهم فلما أدرك فرعون الغرق أتى بكلمة الإخلاص ظناً منه أنها تنجيه من الهلاك وهو قوله تعالى: { حتى إذا أدركه الغرق قال } يعني فرعون { آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين } قال ابن عباس: لم يقبل الله إيمانه عند نزول العذاب به وقد كان في مهل.

السابقالتالي
2