الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ جَاهِدِ ٱلْكُفَّارَ وَٱلْمُنَافِقِينَ وَٱغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } * { يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ ٱلْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ وَمَا نَقَمُوۤاْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْراً لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ ٱللَّهُ عَذَاباً أَلِيماً فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي ٱلأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ } * { وَمِنْهُمْ مَّنْ عَاهَدَ ٱللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلصَّالِحِينَ } * { فَلَمَّآ آتَاهُمْ مِّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّواْ وَّهُمْ مُّعْرِضُونَ } * { فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَآ أَخْلَفُواْ ٱللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ } * { أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ عَلاَّمُ ٱلْغُيُوبِ } * { ٱلَّذِينَ يَلْمِزُونَ ٱلْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ ٱللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { ٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَهُمْ ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَاسِقِينَ } * { فَرِحَ ٱلْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ ٱللَّهِ وَكَرِهُوۤاْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي ٱلْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ }

{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ جَـٰهِدِ ٱلْكُفَّـٰرَ } بالسيف { وَٱلْمُنَـٰفِقِينَ } بالحجة { وَٱغْلُظْ عَلَيْهِمْ } في الجهادين جميعاً ولا تحابهم، وكل من وقف منه على فساد في العقيدة فهذا الحكم ثابت فيه يجاهد بالحجة وتستعمل معه الغلظة ما أمكن منها { وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } جهنم. أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك شهرين ينزل عليه القرآن ويعيب المنافقين المتخلفين فيسمع من معه. منهم الجلاس بن سويد فقال: والله لئن كان ما يقول محمد حقاً لأخواننا الذين خلّفناهم وهم سادتنا فنحن شر من الحمير. فقال عامر بن قيس الأنصاري للجلاس: أجل والله إن محمداً صادق وأنت شر من الحمار. وبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستحضر فحلف بالله ما قال، فرفع عامر يده فقال: اللهم أنزل على عبدك ونبيك تصديق الصادق وتكذيب الكاذب فنزل { يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ ٱلْكُفْرِ } يعني إن كان ما يقول محمد حقاً فنحن شر من الحمير، أو هي استهزاؤهم فقال الجلاس: يا رسول الله والله لقد قلته وصدق عامر فتاب الجلاس وحسنت توبته { وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلَـٰمِهِمْ } وأظهروا كفرهم بعد إظهارهم الإسلام، وفيه دلالة على أن الإيمان والإسلام واحد لأنه قال { وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلَـٰمِهِمْ } { وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ } من قتل محمد عليه السلام أو قتل عامر لرده على الجلاس. وقيل: أرادوا أن يتوجوا ابن أبي وإن لم يرض رسول الله صلى الله عليه وسلم { وَمَا نَقَمُواْ } وما أنكروا وما عابوا { إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ } وذلك أنهم كانوا حين قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة في ضنك من العيش لا يركبون الخيل ولا يحوزون الغنيمة، فآثروا بالغنائم وقتل للجلاس مولى فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بديته اثني عشر ألفاً فاستغنى { فَإِن يَتُوبُواْ } عن النفاق { يَكُ } التوب { خَيْراً لَّهُمْ } وهي الآية التي تاب عندها الجلاس { وَإِن يَتَوَلَّوْا } يصروا على النفاق { يُعَذّبْهُمُ ٱللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِى ٱلدُّنْيَا وَٱلأخِرَةِ } بالقتل والنار { وَمَا لَهُمْ فِى ٱلأرْضِ مِن وَلِيّ وَلاَ نَصِيرٍ } ينجيهم من العذاب. { وَمِنْهُمْ مَّنْ عَـٰهَدَ ٱللَّهَ } روي أن ثعلبة بن حاطب قال: يا رسول الله ادع الله يرزقني مالاً فقال عليه السلام: " يا ثعلبة قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه " فراجعه وقال: والذي بعثك بالحق لئن رزقني مالاً لأعطين كل ذي حق حقه. فدعا له فاتخذ غنماً فنمت كما ينمى الدود حتى ضاقت بها المدينة، فنزل وادياً وانقطع عن الجمعة والجماعة، فسأل عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل: كثر ماله حتى لا يسعه وادٍ فقال:

السابقالتالي
2 3