الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ ٱئْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي أَلا فِي ٱلْفِتْنَةِ سَقَطُواْ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِٱلْكَافِرِينَ } * { إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُواْ قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِن قَبْلُ وَيَتَوَلَّواْ وَّهُمْ فَرِحُونَ } * { قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلاَّ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } * { قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَآ إِلاَّ إِحْدَى ٱلْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ ٱللَّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوۤاْ إِنَّا مَعَكُمْ مُّتَرَبِّصُونَ } * { قُلْ أَنفِقُواْ طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ } * { وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ ٱلصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَىٰ وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ } * { فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَٰلُهُمْ وَلاَ أَوْلَـٰدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي ٱلْحَيَٰوةِ ٱلدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَٰفِرُونَ } * { وَيَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ وَمَا هُم مِّنكُمْ وَلَـٰكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ } * { لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَئاً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلاً لَّوَلَّوْاْ إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ } * { وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ فِي ٱلصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ } * { وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوْاْ مَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا ٱللَّهُ سَيُؤْتِينَا ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّآ إِلَى ٱللَّهِ رَاغِبُونَ } * { إِنَّمَا ٱلصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱلْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَٱلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَٱلْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } * { وَمِنْهُمُ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلنَّبِيَّ وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ ٱللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }

{ وَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ ٱئْذَن لّي وَلاَ تَفْتِنّي } ولا توقعني في الفتنة وهي الإثم بأن لا تأذن لي فإني إن تخلفت بغير إذنك أثمت، أولا تلقني في الهلكة فإني إذا خرجت معك هلك مالي وعيالي. وقيل: قال الجد بن قيس المنافق: قد علمت الأنصار إني مستهتر بالنساء فلا تفتني ببنات الأصفر ـ يعني نساء الروم ـ ولكني أعينك بمالي فاتركني { أَلا فِي ٱلْفِتْنَةِ سَقَطُواْ } يعني أن الفتنة هي التي سقطوا فيها وهي فتنة التخلف { وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِٱلْكَـٰفِرِينَ } الآن لأن أسباب الإحاطة معهم أو هي تحيط بهم يوم القيامة { إِن تُصِبْكَ } في بعض الغزوات { حَسَنَةٌ } ظفر وغنيمة { تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ } نكبة وشدة في بعضها نحو ما جرى يوم أحد { يَقُولُواْ قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا } الذي نحن متسمون به من الحذ والتيقط والعمل بالحزم { مِن قَبْلُ } من قبل ما وقع { وَيَتَوَلَّواْ } عن مقام التحدث بذلك إلى أهاليهم { وَّهُمْ فَرِحُونَ } مسرورون { قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَنَا } أي قضى من خير أو شر { هُوَ مَوْلَـٰنَا } أي الذي يتولانا ونتولاه { وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } وحق المؤمنين أن لا يتوكلوا على غير الله { قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا } تنتظرون بنا { إِلا إِحْدَى ٱلْحُسْنَيَيْنِ } وهما النصرة والشهادة { وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ } إحدى السوءيين إما { أَن يُصِيبَكُمُ ٱللَّهُ بِعَذَابٍ مّنْ عِندِهِ } وهو قارعة من السماء كما نزلت على عاد وثمود { أَوْ } بعذاب { بِأَيْدِينَا } وهو القتل على الكفر { فَتَرَبَّصُواْ } بنا ما ذكرنا { إِنَّا مَعَكُمْ مُّتَرَبِّصُونَ } ما هو عاقبتكم { قُلْ أَنفِقُواْ } في وجوه البر { طَوْعاً أَوْ كَرْهاً } طائعين أو مكرهين نصب على الحال. { كَرْهاً } حمزة وعلي وهو أمر في معنى الخبر ومعناه { لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ } أنفقتم طوعاً أو كرهاً ونحوه { ٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ } [التوبة: 80] وقوله
أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة   لدينا ولا مقلية إن تقلت
أي لن يغفر الله لهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم، ولا نلومك أسأت إلينا أو أحسنت، وقد جاز عكسه في قولك «رحم الله زيداً»، ومعنى عدم القبول أنه عليه السلام يردها عليهم ولا يقبلها أو لا يثيبها الله. وقوله { طَوْعاً } أي من غير إلزام من الله ورسوله و { كَرْهاً } أي ملزمين، وسمي الإلزام إكراهاً لأنهم منافقون فكان إلزامهم الإنفاق شاقاً عليهم كالإكراه { إِنَّكُمْ } تعليل لرد إنفاقهم { كُنتُمْ قَوْماً فَـٰسِقِينَ } متمردين عاتين.

{ وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَـٰتُهُمْ } وبالياء: حمزة وعلي { إِلا أَنَّهُمْ كَفَرُواْ } أنهم فاعل «منع» وهم و { أَن تُقْبَلَ } مفعولاه أي وما منعهم قبول نفقاتهم إلا كفرهم { بِٱللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ ٱلصَّلَوٰةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَىٰ } جمع كسلان { وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَـٰرِهُونَ } لأنهم لا يريدون بهما وجه الله تعالى، وصفهم بالطوع في قوله { طَوْعاً } وسلبه عنهم ههنا لأن المراد بطوعهم أنهم يبذلونه من غير إلزام من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو من رؤسائهم، وما طوعهم ذلك إلا عن كراهة واضطرار لا عن رغبة واختبار.

السابقالتالي
2 3 4