الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلْفَجْرِ } * { وَلَيالٍ عَشْرٍ } * { وَٱلشَّفْعِ وَٱلْوَتْرِ } * { وَٱلَّيلِ إِذَا يَسْرِ } * { هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِى حِجْرٍ } * { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ } * { إِرَمَ ذَاتِ ٱلْعِمَادِ } * { ٱلَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي ٱلْبِلاَدِ } * { وَثَمُودَ ٱلَّذِينَ جَابُواْ ٱلصَّخْرَ بِٱلْوَادِ } * { وَفِرْعَوْنَ ذِى ٱلأَوْتَادِ } * { ٱلَّذِينَ طَغَوْاْ فِي ٱلْبِلاَدِ } * { فَأَكْثَرُواْ فِيهَا ٱلْفَسَادَ } * { فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ } * { إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلْمِرْصَادِ }

بسم الله الرحمٰن الرحيم

{ وَٱلْفَجْرِ } أقسم بالفجر وهو الصبح كقولهوَٱلصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ } [المدثر: 34]، أو بصلاة الفجر { وَلَيالٍ عَشْرٍ } عشر ذي الحجة أو العشر الأول من المحرم، أو الآخر من رمضان. وإنما نكرت لزيادة فضيلتها { وَٱلشَّفْعِ وَٱلْوَتْرِ } شفع كل الأشياء ووترها أو شفع هذه الليالي ووترها، أو شفع الصلاة ووترها، أو يوم النحر لأنه اليوم العاشر ويوم عرفة لأنه اليوم التاسع، أو الخلق والخالق. { وَٱلْوَتْرِ } حمزة وعلي، وبفتح الواو غيرهما، وهما لغتان: فالفتح حجازي والكسر تميمي. وبعد ما أقسم بالليالي المخصوصة أقسم بالليل على العموم فقال { وَٱلَّيْلِ } وقيل: أريد به ليلة القدر { إِذَا يَسْرِ } إذا يمضي وياء { يَسْرِ } تحذف في الدرج اكتفاء عنها بالكسرة، وأما في الوقف فتحذف مع الكسرة. وسأل واحد الأخفش عن سقوط الياء فقال: لا، حتى تخدمني سنة فسأله بعد سنة فقال: الليل لا يسري وإنما يسرى فيه، فلما عدل عن معناه عدل عن لفظه موافقة. وقيل: معنى يسري: يسرى فيه كما يقال: ليل نائم أي ينام فيه.

{ هَلْ فِى ذَلِكَ } أي فيما أقسمت به من هذه الأشياء { قَسَمٌ } أي مقسم به { لِّذِى حِجْرٍ } عقل سمي به لأنه يحجر عن التهافت فيما لا ينبغي كما سمي عقلاً ونهية لأنه يعقل وينهى، يريد هل تحقق عنده أن تعظم هذه الأشياء بالإقسام بها، أو هل في إقسامي بها إقسام لذي حجر أي هل هو قسم عظيم يؤكد بمثله المقسم عليه؟ أو هل في القسم بهذه الأشياء قسم مقنع لذي عقل ولب؟ والمقسم عليه محذوف وهو قوله «ليعذبن» يدل عليه قوله { أَلَمْ تَرَ } إلى قوله: { فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ }. ثم ذكر تعذيب الأمم التي كذبت الرسل فقال { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذاتِ ٱلْعِمَادِ } أي ألم تعلم يا محمد علماً يوازي العيان في الإيقان؟ وهو استفهام تقرير قيل: لعقب عاد ابن عوص بن إرم بن سام بن نوح عاد ما يقال لبني هاشم هاشم، ثم قيل للأولين منهم: عاد الأولى، والإرم تسمية لهم باسم جدهم ومن بعدهم عاد الأخيرة، فـ { إِرَمَ } عطف بيان لـ { عَادٍ } وإيذان بأنهم عاد الأولى القديمة. وقيل: إرم بلدتهم وأرضهم التي كانوا فيها ويدل عليه قراءة ابن الزبير { بِعَادٍ * إِرَمَ } على الإضافة وتقديره بعاد أهل إرم كقولهوَٱسْئَلِ ٱلْقَرْيَةَ } [يوسف: 82] ولم تنصرف ـ قبيلة كانت أو أرضاً ـ للتعريف والتأنيث وذات العماد إذا كانت صفة للقبيلة، فالمعنى أنهم كانوا بدويين أهل عمد أو طوال الأجسام على تشبيه قدودهم بالأعمدة وإن كانت صفة للبلدة أنها ذات أساطين.

السابقالتالي
2