الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ٱلْغَاشِيَةِ } * { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ } * { عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ } * { تَصْلَىٰ نَاراً حَامِيَةً } * { تُسْقَىٰ مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ } * { لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ } * { لاَّ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِي مِن جُوعٍ } * { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ } * { لِّسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ } * { فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ } * { لاَّ تَسْمَعُ فِيهَا لاَغِيَةً } * { فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ } * { فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ } * { وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ } * { وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ } * { وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ } * { أَفَلاَ يَنظُرُونَ إِلَى ٱلإِبْلِ كَيْفَ خُلِقَتْ } * { وَإِلَى ٱلسَّمَآءِ كَيْفَ رُفِعَتْ } * { وَإِلَىٰ ٱلْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ } * { وَإِلَى ٱلأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ } * { فَذَكِّرْ إِنَّمَآ أَنتَ مُذَكِّرٌ } * { لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ } * { إِلاَّ مَن تَوَلَّىٰ وَكَفَرَ } * { فَيُعَذِّبُهُ ٱللَّهُ ٱلْعَذَابَ ٱلأَكْبَرَ } * { إِنَّ إِلَيْنَآ إِيَابَهُمْ } * { ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ }

مكية وهي ست وعشرون آية

بسم الله الرحمٰن الرحيم

{ هَلُ } بمعنى «قد» { أَتَاكَ حَدِيثُ ٱلْغَـٰشِيَةِ } الداهية التي تغشى الناس بشدائدها وتلبسهم أهوالها يعني القيامة. وقيل: النار من قوله:وَتَغْشَىٰ وُجُوهَهُمْ ٱلنَّارُ } [إبراهيم: 50] { وُجُوهٌ } أي وجوه الكفار، وإنما خص الوجه لأن الحزن والسرور إذا استحكما في المرء أثراً في وجهه { يَوْمَئِذٍ } يوم إذ غشيت { خَـٰشِعَةٌ } ذليلة لما اعترى أصحابها من الخزي والهوان { عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ } تعمل في النار عملاً تتعب فيه وهو جرها السلاسل والأغلال وخوضها في النار كما تخوض الإبل في الوحل، وارتقاؤها دائبة في صعود من نار وهبوطها في حدور منها. وقيل: عملت في الدنيا أعمال السوء والتذت بها وتنعمت فهي في نصب منها في الآخرة. وقيل: هم أصحاب الصوامع ومعناه أنها خشعت الله وعملت ونصبت في أعمالها من الصوم الدائب والتهجد الواصب { تَصْلَىٰ نَاراً حَامِيَةً } تدخل ناراً قد أحميت مدداً طويلة فلا حر يعدل حرها { تَصْلَىٰ } أبو عمرو وأبو بكر { تُسْقَىٰ مِنْ عَيْنٍ ءَانِيَةٍ } من عين ماء قد انتهى حرها، والتأنيث في هذه الصفات والأفعال راجعة إلى الوجوه والمراد أصحابها بدليل قوله { لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ } وهو نبت يقال له الشِّبرِق فإذا يبس فهو ضريع وهو سم قاتل، والعذاب ألوان والمعذبون طبقات، فمنهم أكلة الزقوم، ومنهم أكلة الغسلين، ومنهم أكلة الضريع، فلا تناقض بين هذه الآية وبين قولهوَلاَ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ } [الحاقة: 36] { لاَّ يُسْمِنُ } مجرور المحل لأنه وصف { ضَرِيعٍ } { وَلاَ يُغْنِى مِن جُوعٍ } أي منفعتا الغذاء منتفيتان عنه وهما إماطة الجوع وإفادة السمن في البدن.

{ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ } ثم وصف وجوه المؤمنين ولم يقل ووجوه لأن الكلام الأول قد طال وانقطع { نَّاعِمَةٌ } متنعمة في لين العيش { لِّسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ } رضيت بعملها وطاعتها لما رأت ما أداهم إليه من الكرامة والثواب { فِى جَنَّةٍ عَالِيَةٍ } من علو المكان أو المقدار { لاَ تَسْمَعُ } يا مخاطب أو الوجوه { فِيهَا لَـٰغِيَةً } أي لغواً أو كلمة ذات لغو أو نفساً تلغو، لا يتكلم أهل الجنة إلا بالحكمة وحمد الله على ما رزقهم من النعيم الدائم. { لاَ يَسْمَعُ فِيهَا لَـٰغِيَةً }: مكي وأبو عمرو: { لاَّ تُسْمَعُ فِيهَا لَـٰغِيَةً } نافع { فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ } أي عيون كثيرة كقوله:عَلِمَتْ نَفْسٌ } [الانفطار: 5] { فِيهَا سُرُرٌ } جمع سرير { مَّرْفُوعَةٍ } من رفعة المقدار أو السمك ليرى المؤمن بجلوسه عليه جميع ما خوله ربه من الملك والنعيم.

{ وَأَكْوابٌ } جمع كوب وهو القدح. وقيل: آنية لا عروة لها { مَّوْضُوعَةٌ } بين أيديهم ليتلذذوا بها بالنظر إليها أو موضوعة على حافات العيون معدة للشرب { وَنَمَارِقُ } وسائد { مَصْفُوفَةٌ } بعضها إلى جنب بعض مساند ومطارح أينما أراد أن يجلس جلس على مسودة واستند إلى الأخرى { وَزَرَابِيُّ } وبسط عراض فاخرة جمع زربية { مَبْثُوثَةٌ } مبسوطة أو مفرقة في المجالس.

السابقالتالي
2