الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ سَبِّحِ ٱسْمَ رَبِّكَ ٱلأَعْلَىٰ } * { ٱلَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ } * { وَٱلَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ } * { وَٱلَّذِيۤ أَخْرَجَ ٱلْمَرْعَىٰ } * { فَجَعَلَهُ غُثَآءً أَحْوَىٰ } * { سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَىٰ } * { إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلْجَهْرَ وَمَا يَخْفَىٰ } * { وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَىٰ } * { فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ ٱلذِّكْرَىٰ } * { سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَىٰ } * { وَيَتَجَنَّبُهَا ٱلأَشْقَى } * { ٱلَّذِى يَصْلَى ٱلنَّارَ ٱلْكُبْرَىٰ } * { ثُمَّ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَا } * { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ } * { وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ } * { بَلْ تُؤْثِرُونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا } * { وَٱلآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ } * { إِنَّ هَـٰذَا لَفِي ٱلصُّحُفِ ٱلأُولَىٰ } * { صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ }

مكية وهي تسع عشرة آية

بسم الله الرحمٰن الرحيم

{ سَبِّحِ ٱسْمَ رَبّكَ ٱلأَعْلَىٰ } نزه ذاته عما لا يليق به، والاسم صلة وذلك بأن يفسر الأعلى بمعنى العلو الذي هو القهر والاقتدار لا بمعنى العلو في المكان. وقيل: قل سبحان ربي الأعلى. وفي الحديث لما نزلت قال عليه السلام: " اجعلوها في سجودكم " { ٱلَّذِى خَلَقَ فَسَوَّىٰ } أي خلق كل شيء فسوى خلقه تسوية ولم يأت به متفاوتاً غير ملتئم ولكن على إحكام واتساق، دلالة على أنه صادر عن عالم حكيم، أو سوَّاه على ما فيه منفعة ومصلحة { وَٱلَّذِى قَدَّرَ فَهَدَىٰ } أي قدر لكل حيوان ما يصلحه فهداه إليه وعرفه وجه الانتفاع به، أو فهدى وأضل ولكن حذف وأضل اكتفاء كقوله:يُضِلُّ مَن يَشَآء وَيَهْدِى مَن يَشَآء } [النحل:93] [فاطر: 8]. { قُدِرَ } عليّ { وَٱلَّذِى أَخْرَجَ ٱلْمَرْعَىٰ } أنبت ما ترعاه الدواب { فَجَعَلَهُ غُثَاءً } يابساً هشيماً { أَحْوَىٰ } أسود { فأحوى } صفة الغثاء { أَحْوَىٰ سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَىٰ } سنعلمك القرآن حتى تنساه { إِلاَّ مَا شَاء ٱللَّهُ } أن ينسخه وهذا بشارة من الله لنبيه أن يحفظ عليه الوحي حتى لا ينفلت منه شيء إلا ما شاء الله أن ينسخه فيذهب به عن حفظه برفع حكمه وتلاوته. وسأل ابن كيسان النحوي جنيداً عنه فقال: فلا ننسى العمل به فقال: مثلك يصدر. وقيل: قوله { فَلاَ تَنسَىٰ } على النهي والألف مزيدة للفاصلة كقوله:ٱلسَّبِيلاْ } [الأحزاب: 67] أي فلا تغفل قراءته وتكريره فتنساه إلا ما شاء الله أن ينسيكه برفع تلاوته { إِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلْجَهْرَ وَمَا يَخْفَىٰ } أي إنك تجهر بالقراءة مع قراءة جبريل مخافة التفلت والله يعلم جهرك معه وما في نفسك مما يدعوك إلى الجهر، أو ما تقرأ في نفسك مخافة النسيان، أو يعلم ما أسررتم وما أعلنتم من أقوالكم وأفعالكم وما ظهر وما بطن من أحوالكم.

{ وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَىٰ } معطوف على { سَنُقْرِئُكَ } وقوله { إِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلْجَهْرَ وَمَا يَخْفَىٰ } اعتراض ومعناه ونوفقك للطريقة التي هي أيسر وأسهل يعني حفظ الوحي. وقيل: للشريعة السمحة التي هي أيسر الشرائع أو نوفقك لعمل الجنة { فَذَكِّرْ } عظ بالقرآن { إِن نَّفَعَتِ ٱلذِّكْرَىٰ } جواب «إن» مدلول قوله { فَذَكِّرْ } قيل: ظاهره شرط ومعناه استبعاد لتأثير الذكرى فيهم. وقيل: هو أمر بالتذكير على الإطلاق كقوله:فَذَكّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكّرٌ } [الغاشية: 21]. غير مشروط بالنفع { سَيَذَّكَّرُ } سيتعظ ويقبل التذكرة { مَن يَخْشَىٰ } الله وسوء العاقبة { وَيَتَجَنَّبُهَا } ويتباعد عن الذكرى فلا يقبلها { ٱلأَشْقَى } الكافر أو الذي هو أشقى الكفرة لتوغله في عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

السابقالتالي
2