الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذَا ٱلشَّمْسُ كُوِّرَتْ } * { وَإِذَا ٱلنُّجُومُ ٱنكَدَرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْجِبَالُ سُيِّرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْعِشَارُ عُطِّلَتْ } * { وَإِذَا ٱلْوُحُوشُ حُشِرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْبِحَارُ سُجِّرَتْ } * { وَإِذَا ٱلنُّفُوسُ زُوِّجَتْ } * { وَإِذَا ٱلْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ } * { بِأَىِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ } * { وَإِذَا ٱلصُّحُفُ نُشِرَتْ } * { وَإِذَا ٱلسَّمَآءُ كُشِطَتْ } * { وَإِذَا ٱلْجَحِيمُ سُعِّرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ } * { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّآ أَحْضَرَتْ } * { فَلاَ أُقْسِمُ بِٱلْخُنَّسِ } * { ٱلْجَوَارِ ٱلْكُنَّسِ } * { وَٱللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ } * { وَٱلصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ } * { إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ } * { ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي ٱلْعَرْشِ مَكِينٍ } * { مُّطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ } * { وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ } * { وَلَقَدْ رَآهُ بِٱلأُفُقِ ٱلْمُبِينِ } * { وَمَا هُوَ عَلَى ٱلْغَيْبِ بِضَنِينٍ } * { وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ } * { فَأيْنَ تَذْهَبُونَ } * { إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ } * { لِمَن شَآءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ } * { وَمَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ }

مكية وهي تسع وعشرون آية

بسم الله الرحمٰن الرحيم

{ إذا الشّمس كُوِّرَتْ } ذهب بضوئها من كورت العمامة إذا لفقتها أي يلف ضوءها لفاً فيذهب انبساطه وانتشاره في الآفاق. وارتفاع { الشمس } بالفاعلية ورافعها فعل مضمر يفسره { كورت } لأن «إذا» يطلب الفعل لما فيه من معنى الشرط { وإذا النّجوم انكدرت } تساقطت { وإذا الجبال سُيِّرَت } عن وجه الأرض وأبعدت أو سيرت في الجو تسيير السحاب { وإذا العشارُ } جمع عشراء وهي الناقة التي أتى على حملها عشرة أشهر، ثم هو اسمها إلى أن تضع لتمام السنة { عُطِّلَتْ } أهملت عطلها أهلها لاشتغالهم بأنفسهم وكانوا يحبسونها إذا بلغت هذه الحالة لعزتها عندهم ويعطلون ما دونها. { عطلت } بالتخفيف عن اليزيدي { وإذا الوُحُوشُ حُشِرَتْ } جمعت من كل ناحية. قال قتادة: يحشر كل شيء حتى الذباب للقصاص فإذا قضى بينها ردت أتراباً فلا يبقى منها إلا ما فيه سرور لبني آدم كالطاوس ونحوه. وعن ابن عباس رضي الله عنهما: حشرها موتها. يقال: إذا أجحفت السنة بالناس وأموالهم حشرتم السنة.

{ وَإِذَا ٱلْبِحَارُ سُجِّرَتْ } { سُجّرَتْ } مكي وبصري من سجر التنور إذا ملأه بالحطب أي ملئت، وفجر بعضاً إلى بعض حتى تعود بحراً واحداً. وقيل: ملئت نيراناً لتعذيب أهل النار { وَإِذَا ٱلنُّفُوسُ زُوِّجَتْ } قرنت كل نفس بشكلها الصالح مع الصالح في الجنة والطالح مع الطالح في النار، أو قرنت الأرواح بالأجساد، أو بكتبها وأعمالها، أو نفوس المؤمنين بالحور العين ونفوس الكافرين بالشياطين { وَإِذَا ٱلْمَوْءُودَةُ } المدفونة حية، وكانت العرب تئد البنات خشية الإملاق وخوف الاسترقاق { سُئِلَتْ } سؤال تلطف لتقول بلا ذنب قتلت، أو لتدل على قاتلها، أو هو توبيخ لقاتلها بصرف الخطاب عنه كقوله:أأنت قُلتَ لِلنَّاسِ } [المائدة: 116] الآية { بِأَىِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ } وبالتشديد: يزيد. وفيه دليل على أن أطفال المشركين لا يعذبون، وعلى أن التعذيب لا يكون بلا ذنب { وَإِذَا ٱلصُّحُفُ نُشِرَتْ } { فُتِحَتْ } وبالتخفيف: مدني وشامي وعاصم وسهل ويعقوب. والمراد صحف الأعمال تطوى صحيفة الإنسان عند موته ثم تنشر إذا حوسب، ويجوز أن يراد نشرت بين أصحابها أي فرقت بينهم { وَإِذَا ٱلسَّمَاءُ كُشِطَتْ } قال الزجاج: قلعت كما يقلع السقف { وَإِذَا ٱلْجَحِيمُ سُعِّرَتْ } أوقدت إيقاداً شديداً. بالتشديد: شامي ومدني وعاصم غير حماد ويحيى للمبالغة { وَإِذَا ٱلْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ } أدنيت من المتقين كقوله:وَأُزْلِفَتِ ٱلْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ } [ق: 31]. فهذه اثنتا عشرة خصلة ست منها في الدنيا والباقية في الآخرة. ولا وقف مطلقاً من أول السورة إلى { مَّا أَحْضَرَتْ } لأن عامل النصب في { إِذَا ٱلشَّمْسُ } وفيما عطف عليه جوابها وهو { عَلِمَتْ نَفْسٌ } أي كل نفس ولضرورة انقطاع النفس على كل آية جوز الوقف { مَّا أَحْضَرَتْ } من خير وشر.

السابقالتالي
2