الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ يُجَادِلُونَكَ فِي ٱلْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى ٱلْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ } * { وَإِذْ يَعِدُكُمُ ٱللَّهُ إِحْدَى ٱلطَّآئِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ ٱلشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ ٱلْكَافِرِينَ } * { لِيُحِقَّ ٱلْحَقَّ وَيُبْطِلَ ٱلْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُجْرِمُونَ } * { إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَٱسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِّنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ مُرْدِفِينَ } * { وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ بُشْرَىٰ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } * { إِذْ يُغَشِّيكُمُ ٱلنُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن ٱلسَّمَآءِ مَآءً لِّيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ ٱلشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ ٱلأَقْدَامَ } * { إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى ٱلْمَلاۤئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعْبَ فَٱضْرِبُواْ فَوْقَ ٱلأَعْنَاقِ وَٱضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ } * { ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِقِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } * { ذٰلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ ٱلنَّارِ } * { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ ٱلأَدْبَارَ } * { وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَىٰ فِئَةٍ فَقَدْ بَآءَ بِغَضَبٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } * { فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ وَلِيُبْلِيَ ٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاۤءً حَسَناً إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } * { ذٰلِكُمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ ٱلْكَافِرِينَ } * { إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَآءَكُمُ ٱلْفَتْحُ وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ وَلَن تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ }

{ يُجَـٰدِلُونَكَ فِي ٱلْحَقّ } الحق الذي جادلوا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم تلقي النفير لإيثارهم عليه تلقي العير { بَعْدَمَا تَبَيَّنَ } بعد إعلام رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنهم ينصرون وجدالهم قولهم ما كان خروجنا إلا للعير، وهلا قلت لنا لنستعد وذلك لكراهتهم القتال { كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى ٱلْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ } شبه حالهم في فرط فزعهم وهم يسار بهم إلى الظفر والغنيمة بحال من يعتل إلى القتل ويساق على الصغار إلى الموت وهو مشاهد لأسبابه ناظر إليها لا يشك فيها. وقيل: كان خوفهم لقلة العدد وإنهم كانوا رجالة وماكان فيهم إلا فارسان { وإذ يَعِدُكُمُ ٱللَّهُ إِحْدَى ٱلطَّائِفَتَيْنِ } «إذ» منصوب بـ «اذكر» و { إِحْدَى } مفعول ثانٍ { أَنَّهَا لَكُمْ } بدل من { إِحْدَى ٱلطَّائِفَتَيْنِ } وهما العير والنفير والتقدير: وإذ يعدكم الله أن إحدى الطائفتين لكم { وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ ٱلشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ } أي العير وذات الشوكة ذات السلاح، والشوكة كانت في النفير لعددهم وعدتهم أي تتمنون أن تكون لكم العير لأنها الطائفة التي لا سلاح لها ولا تريدون الطائفة الأخرى { وَيُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ } أي يثبته ويعليه { بِكَلِمَـٰتِهِ } بآياته المنزلة في محاربة ذات الشوكة وبما أمر الملائكة من نزولهم للنصرة، وبما قضى من قتلهم وطرحهم في قليب بدر { وَيَقْطَعَ دَابِرَ ٱلْكَـٰفِرِينَ } آخرهم والدابر الآخر فاعل من دبر إذا أدبر. وقطع الدابر عبارة عن الاستئصال يعني أنكم تريدون الفائدة العاجلة، وسفساف الأمور، والله تعالى يريد معالي الأمور، ونصرة الحق، وعلو الكلمة، وشتان ما بين المرادين، ولذلك اختار لكم الطائفة ذات الشوكة وكسر قوتهم بضعفكم وأعزكم وأذلهم { لِيُحِقَّ ٱلْحَقَّ } متعلق بـ { يقطع } أو بمحذوف تقديره ليحق الحق { وَيُبْطِلَ ٱلْبَـٰطِلَ } فعل ذلك والمقدر متأخر ليفيد الاختصاص أي ما فعله إلا لهما، وهو إثبات الإسلام وإظهاره، وإبطال الكفر، ومحقه، وليس هذا بتكرار لأن الأول تمييز بين الإرادتين، وهذا بيان لمراده فيما فعل من اختيار ذات الشوكة على غيرها لهم ونصرتهم عليها { وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُجْرِمُونَ } المشركون ذلك

{ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ } بدل من { إِذْ يَعِدُكُمُ } أو متعلق بقولهلِيُحِقَّ ٱلْحَقَّ وَيُبْطِلَ ٱلْبَـٰطِلَ } واستغاثتهم أنهم لما علموا أنه لا بد من القتال طفقوا يدعون الله يقولون أي ربنا انصرنا على عدوك، يا غياث المستغيثين أغثنا. وهي طلب الغوث وهو التخليص من المكروه { فَٱسْتَجَابَ لَكُمْ } فأجاب. وأصل { أَنّي مُمِدُّكُمْ } «بأني ممدكم» فحذف الجار وسلط عليه { استجاب } فنصب محله { بِأَلْفٍ مّنَ ٱلْمَلَـئِكَةِ مُرْدِفِينَ } ـ { مُردفِينَ } ـ مدني. غيره بكسر الدال. فالكسر على أنهم أردفوا غيرهم، والفتح على أنه أردف كل ملك ملكاً آخر.

السابقالتالي
2 3 4