الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ } * { إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَابِّ عِندَ ٱللَّهِ ٱلصُّمُّ ٱلْبُكْمُ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ } * { وَلَوْ عَلِمَ ٱللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُمْ مُّعْرِضُونَ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } * { وَٱتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } * { وَٱذْكُرُوۤاْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي ٱلأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ ٱلنَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ وَتَخُونُوۤاْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } * { وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ ٱللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ } * { يِٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوۤاْ إِن تَتَّقُواْ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ } * { وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ ٱللَّهُ وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلْمَاكِرِينَ } * { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُواْ قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَآءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَـٰذَا إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ }

{ وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ قَالُواْ سَمِعْنَا } أي ادعوا السماع وهم المنافقون وأهل الكتاب { وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ } لأنهم ليسوا بمصدقين فكأنهم غير سامعين، والمعنى أنكم تصدقون بالقرآن والنبوة فإذا توليتم عن طاعة الرسول في بعض الأمور من قسمة الغنائم وغيرها أشبه سماعكم سماع من لا يؤمن. ثم قال { إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَابّ عِندَ ٱللَّهِ ٱلصُّمُّ ٱلْبُكْمُ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ } أي إن شر من يدب على وجه الأرض البهائم، وإن شر البهائم الذين هم صم عن الحق لا يعقلونه، جعلهم من جنس البهائم ثم جعلهم شرها لأنهم عاندوا بعد الفهم وكابروا بعد العقل { وَلَوْ عَلِمَ ٱللَّهُ فِيهِمْ } في هؤلاء الصم والبكم { خَيْرًا } صدقاً ورغبة { لأسْمَعَهُمْ } لجعلهم سامعين حتى يسمعوا سماع المصدقين { وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ } عنه أي ولو أسمعهم وصدقوا لارتدوا بعد ذلك ولم يستقيموا { وَهُم مُّعْرِضُونَ } عن الإيمان. { يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ } وحد الضمير أيضاً كما وحده فيما قبله، لأن استجابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كاستجابته، والمراد بالاستجابة الطاعة والامتثال وبالدعوة البعث والتحريض { لِمَا يُحْيِيكُمْ } من علوم الديانات والشرائع لأن العلم حياة كما أن الجهل موت قال الشاعر
لا تعجبنّ الجهول حلته   فذاك ميت وثوبه كفن
أو لمجاهدة الكفار لأنهم لو رفضوها لغلبوهم وقتلوهم، أو للشهادة لقوله تعالىبَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبّهِمْ } [آل عمران: 169] { وَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ يحُولُ بَيْنَ ٱلْمَرْء وَقَلْبِهِ } أي يميته فتفوته الفرصة التي هو واجدها وهي التمكن من إخلاص القلب، فاغتنموا هذه الفرصة وأخلصوا قلوبكم لطاعة الله ورسوله، أو بينه وبين ما تمناه بقلبه من طول الحياة فيفسخ عزائمه { وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } واعلموا أنكم إليه تحشرون فيثيبكم على حسب سلامة القلوب وإخلاص الطاعة { وَٱتَّقُواْ فِتْنَةً } عذاباً { لاَّ تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً } هو جواب للأمر أي إن أصابتكم لا تصب الظالمين منكم خاصة ولكنها تعمكم، وجاز أن تدخل النون المؤكدة في جواب الأمر لأن فيه معنى النهي كما إذا قلت «انزل عن الدابة لا تطرحك» وجاز «لا تطرحنك». و «من» في { مّنكُمْ } للتبعيض { وَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } إذا عاقب.

{ وَٱذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ } «إذ» مفعول به لا ظرف أي واذكروا وقت كونكم أقلة أذلة { مُّسْتَضْعَفُونَ فِى ٱلأَرْضِ } أرض مكة قبل الهجرة: يستضعفكم قريش { تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ ٱلنَّاسُ } لأن الناس كانوا لهم أعداء مضادين { فأوٰكُم } إلى المدينة { وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ } بمظاهرة الأنصار وبإمداد الملائكة يوم بدر { وَرَزَقَكُم مّنَ ٱلطَّيّبَاتِ } من الغنائم ولم تحل لأحد قبلكم { لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } هذه النعم.

السابقالتالي
2 3