الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلأَرْضَ كِفَاتاً } * { أَحْيَآءً وَأَمْوٰتاً } * { وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُم مَّآءً فُرَاتاً } * { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } * { ٱنطَلِقُوۤاْ إِلَىٰ مَا كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ } * { ٱنطَلِقُوۤاْ إِلَىٰ ظِلٍّ ذِي ثَلاَثِ شُعَبٍ } * { لاَّ ظَلِيلٍ وَلاَ يُغْنِي مِنَ ٱللَّهَبِ } * { إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَٱلْقَصْرِ } * { كَأَنَّهُ جِمَٰلَتٌ صُفْرٌ } * { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } * { هَـٰذَا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ } * { وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ } * { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } * { هَـٰذَا يَوْمُ ٱلْفَصْلِ جَمَعْنَٰكُمْ وَٱلأَوَّلِينَ } * { فَإِن كَانَ لَكمُ كَيْدٌ فَكِيدُونِ } * { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } * { إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي ظِلاَلٍ وَعُيُونٍ } * { وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ } * { كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ هَنِيـۤئاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } * { إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } * { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } * { كُلُواْ وَتَمَتَّعُواْ قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُّجْرِمُونَ } * { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } * { وَإذَا قِيلَ لَهُمُ ٱرْكَعُواْ لاَ يَرْكَعُونَ } * { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } * { فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ }

{ أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلأَرْضَ كِفَاتاً } هو كفت الشيء إذا ضمه وجمعه وهو اسم ما يكفت كقولهم الضمام لما يضم وبه انتصب { أَحْيَاءً وَأَمْوٰتاً } كأنه قيل: كافتة أحياء وأمواتاً، أو بفعل مضمر يدل عليه { كِفَاتاً } وهو تكفت أي تكفت أحياء على ظهرها وأمواتاً في بطنها، والتنكير فيهما للتفخيم أي تكفت أحياء لا يعدون وأمواتاً لا يحصرون { وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِىَ } جبالاً ثوابت { شَـٰمِخَـٰتٍ } عاليات { وَأَسْقَيْنَـٰكُم مَّاءً فُرَاتاً } عذاباً { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذِّبِينَ } بهذه النعمة { ٱنطَلِقُواْ إِلَىٰ مَا كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ } أي يقال للكافرين يوم القيامة سيروا إلى النار التي كنتم بها تكذبون { ٱنطَلِقُواْ } تكرير للتوكيد { إِلَىٰ ظِلٍّ } دخان جهنم { ذِى ثَلَـٰثِ شُعَبٍ } يتشعب لعظمه ثلاث شعب وهكذا الدخان العظيم يتفرق ثلاث فرق { لاَّ ظَلِيلٍ } نعت ظل أي لا مظل من حر ذلك اليوم وحر النار { وَلاَ يُغْنِى } في محل الجر أي وغير مغنٍ لهم { مِنَ ٱللَّهَبِ } من حر اللهب شيئاً { إِنَّهَا } أي النار { تَرْمِى بِشَرَرٍ } هو ما تطاير من النار { كَٱلْقَصْرِ } في العظم. وقيل: هو الغليظ من الشجر الواحدة قصرة { كَأَنَّهُ جِمَـٰلَتٌ } كوفي غير أبي بكر جمع جمل جمالات غيرهم جمع الجمع { صُفْرٌ } جمع أصفر أي سود تضرب إلى الصفرة، وشبه الشرر بالقصر لعظمه وارتفاعه، وبالجمال للعظم والطول واللون { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذِّبِينَ } بأن هذه صفتها.

{ هَـٰذَا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ } وقرىء بنصب اليوم أي هذا الذي قص عليكم واقع يومئذ، وسئل ابن عباس رضي الله عنهما عن هذه الآية وعن قولهثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ } [الزمر: 31] فقال: في ذلك اليوم مواقف في بعضها يختصمون وفي بعضها لا ينطقون. أو لا ينطقون بما ينفعهم فجعل نطقهم كلا نطق.

{ وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ } في الاعتذار { فَيَعْتَذِرُونَ } عطف على { يُؤْذَنُ } منخرط في سلك النفي أي لا يكون لهم إذن واعتذار { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذِّبِينَ } بهذا اليوم { هَـٰذَا يَوْمُ ٱلْفَصْلِ } بين المحق والمبطل والمحسن والمسيء بالجزاء { جَمَعْنَـٰكُمْ } يا مكذبي محمد { وَٱلأَوَّلِينَ } والمكذبين قبلكم { فَإِن كَانَ لَكمُ كَيْدٌ } حيلة في دفع العذاب { فَكِيدُونِ } فاحتالوا عليّ بتخليص أنفسكم من العذاب. والكيد متعدٍ تقول: كدت فلاناً إذا احتلت عليه { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذِّبِينَ } بالبعث.

{ إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ } من عذاب الله { فِى ظِلَـٰلٍ } جمع ظل { وَعُيُونٍ } جارية في الجنة { وَفَوٰكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ } أي لذيذة مشتهاة { كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ } في موضع الحال من ضمير { ٱلْمُتَّقِينَ } في الظرف الذي هو { فِى ظِلَـٰلٍ } أي هم مستقرون في ظلال مقولاً لهم ذلك { هَنِيئَاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } في الدنيا { إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِى ٱلْمُحْسِنِينَ } فأحسنوا تجزوا بهذا { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذِّبِينَ } بالجنة { كُلُواْ وَتَمَتَّعُواْ } كلام مستأنف خطاب للمكذبين في الدنيا على وجه التهديد كقوله:

السابقالتالي
2