الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ كَلاَّ بَلْ تُحِبُّونَ ٱلْعَاجِلَةَ } * { وَتَذَرُونَ ٱلآخِرَةَ } * { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ } * { إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } * { وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ } * { تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ } * { كَلاَّ إِذَا بَلَغَتِ ٱلتَّرَاقِيَ } * { وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ } * { وَظَنَّ أَنَّهُ ٱلْفِرَاقُ } * { وَٱلْتَفَّتِ ٱلسَّاقُ بِٱلسَّاقِ } * { إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ ٱلْمَسَاقُ } * { فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّىٰ } * { وَلَـٰكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ } * { ثُمَّ ذَهَبَ إِلَىٰ أَهْلِهِ يَتَمَطَّىٰ } * { أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ } * { ثُمَّ أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ } * { أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى } * { أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَىٰ } * { ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّىٰ } * { فَجَعَلَ مِنْهُ ٱلزَّوْجَيْنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ } * { أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِـيَ ٱلْمَوْتَىٰ }

{ كَلاَّ } ردع عن إنكار البعث أو ردع لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن العجلة وإنكار لها عليه، وأكده بقوله { بَلْ تُحِبُّونَ ٱلْعَاجِلَةَ } كأنه قيل: بل أنتم يا بني آدم لأنكم خلقتم من عجل وطبعتم عليه تعجلون في كل شيء ومن ثم تحبون العاجلة الدنيا وشهواتها { وَتَذَرُونَ ٱلآخِرَةَ } الدار الآخرة ونعيمها فلا تعملون لها والقراءة فيهما بالتاء: مدني وكوفي { وُجُوهٌ } هي وجوه المؤمنين { يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ } حسنة ناعمة { إِلَىٰ رَبّهَا نَاظِرَةٌ } بلا كيفية ولا جهة ولا ثبوت مسافة. وحمل النظر على الانتظار لأمر ربها أو لثوابه لا يصح لأنه يقال: نظرت فيه أي تفكرت، ونظرته انتظرته، ولا يعدى بـ «إلى» إلا بمعنى الرؤية مع أنه لا يليق الانتظار في دار القرار { وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ } كالحة شديدة العبوسة وهي وجوه الكفار { تَظُنُّ } تتوقع { أَن يُفْعَلَ بِهَا } فعل هو في شدته { فَاقِرَةٌ } داهية تقصم فقار الظهر { كَلاَّ } ردع عن إيثار الدنيا على الآخرة كأنه قيل: ارتدعوا عن ذلك وتنبهوا على ما بين أيديكم من الموت الذي عنده تنقطع العاجلة عنكم وتنتقلون إلى الآجلة التي تبقون فيها مخلدين { إِذَا بَلَغَتِ } أي الروح وجاز وإن لم يجر لها ذكر لأن الآية تدل عليها { ٱلتَّرَاقِىَ } العظام المكتنفة لثغرة النحر عن يمين وشمال جمع ترقوة { وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ } يقف حفص على { مَنْ } وقيفة أي قال حاضر والمحتضر بعضهم لبعض أيكم يرقيه مما به من الرقية من حد ضرب، أو هو من كلام الملائكة: أيكم يرقى بروحه أملائكة الرحمة أم ملائكة العذاب من الرقي من حد علم.

{ وَظَنَّ } أيقن المحتضر { أَنَّهُ ٱلْفِرَاقُ } أن هذا الذي نزل به هو فراق الدنيا المحبوبة { وَٱلْتَفَّتِ ٱلسَّاقُ بِٱلسَّاقِ } التوت ساقاه عند موته. وعن سعيد بن المسيب: هما ساقاه حين تلفان في أكفانه. وقيل: شدة فراق الدنيا بشدة إقبال الآخرة على أن الساق مثل في الشدة. وعن ابن عباس رضي الله عنهما: هما همّان: همّ الأهل والولد وهمّ القدوم على الواحد الصمد { إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ ٱلْمَسَاقُ } هو مصدر ساقه أي مساق العباد إلى حيث أمر الله إما إلى الجنة أو إلى النار { فَلاَ صَدَّقَ } بالرسول والقرآن { وَلاَ صَلَّىٰ } الإنسان في قوله:أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَـٰنُ أَلَنْ نَّجْمَعَ عِظَامَهُ } [القيامة: 3] { وَلَـٰكِن كَذَّبَ } بالقرآن { وَتَوَلَّىٰ } عن الإيمان أو فلا صدق ماله يعني فلا زكاه { ثُمَّ ذَهَبَ إِلَىٰ أَهْلِهِ يَتَمَطَّىٰ } يتبختر وأصله يتمطط أي يتمدد لأن المتبختر يمد خطاه فأبدلت الطاء ياء لاجتماع ثلاثة أحرف متماثلة.

{ أَوْلَىٰ لَكَ } بمعنى ويل لك وهو دعاء عليه بأن يليه ما يكره { فَأَوْلَىٰ * ثُمَّ أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ } كرر للتأكيد كأنه قال: ويل لك فويل لك ثم ويل لك فويل لك.

السابقالتالي
2