الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلْمُدَّثِّرُ } * { قُمْ فَأَنذِرْ } * { وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ } * { وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ } * { وَٱلرُّجْزَ فَٱهْجُرْ } * { وَلاَ تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ } * { وَلِرَبِّكَ فَٱصْبِرْ } * { فَإِذَا نُقِرَ فِي ٱلنَّاقُورِ } * { فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ } * { عَلَى ٱلْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ } * { ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً } * { وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدُوداً } * { وَبَنِينَ شُهُوداً } * { وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيداً } * { ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ } * { كَلاَّ إِنَّهُ كان لآيَاتِنَا عَنِيداً } * { سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً } * { إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ } * { فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ } * { ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ } * { ثُمَّ نَظَرَ } * { ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ } * { ثُمَّ أَدْبَرَ وَٱسْتَكْبَرَ } * { فَقَالَ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ } * { إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ قَوْلُ ٱلْبَشَرِ }

مكية وهي ست وخمسون آية

بسم الله الرحمٰن الرحيم

روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " كنت على جبل حراء: فنوديت يا محمد إنك رسول الله. فنظرت عن يميني ويساري فلم أر شيئاً، فنظرت إلى فوقي فإذا هو قاعد على عرش بين السماء والأرض ـ يعني الملك الذي ناداه ـ فرعبت ورجعت إلى خديجة فقلت: دثروني دثروني " فدثرته خديجة فجاء جبريل وقرأ { يٰأَيُّهَا ٱلْمُدَّثِّرُ } أي المتلفف بثيابه من الدثار وهو كل ما كان من الثياب فوق الشعار. والشعار: الثوب الذي يلي الجسد وأصله المتدثر فأدغم { قُمْ } من مضجعك أو قم قيام عزم وتصميم { فَأَنذِرْ } فحذر قومك من عذاب الله إن لم يؤمنوا، أو فافعل الإنذار من غير تخصيص له بأحد. وقيل: سمع من قريش ما كرهه فاغتم فتغطى بثوبه مفكراً كما يفعل المغموم فقيل له: يا أيها الصارف أذى الكفار عن نفسك بالدثار، قم فاشتغل بالأنذار وإن آذاك الفجار { وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ } واختص ربك بالتكبير وهو التعظيم أي لا يكبر في عينك غيره وقل عندما يعروك من غير الله: الله أكبر. ورُوي أنه لما نزل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الله أكبر " فكبرت خديجة وفرحت وأيقنت أنه الوحي، وقد يحمل على تكبير الصلاة. ودخلت الفاء لمعنى الشرط كأنه قيل: وما كان فلا تدع تكبيره.

{ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ } بالماء من النجاسة لأن الصلاة لا تصح إلا بها وهي الأولى في غير الصلاة، أو فقصر مخالفة للعرب في تطويلهم الثياب وجرّهم الذيول إذ لا يؤمن معه إصابة النجاسة، أو طهر نفسك مما يستقذر من الأفعال يقال: فلان طاهر الثياب إذا وصفوه بالنقاء من المعايب، وفلان دنس الثياب للغادر ولأن من طهر باطنه يطهر ظاهره ظاهراً { وَٱلرُّجْزَ } بضم الراء: يعقوب وسهل وحفص، وغيرهم بالكسر العذاب والمراد ما يؤدي إليه { فَٱهْجُرْ } أي أثبت على هجره لأنه كان بريئاً منه { وَلاَ تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ } بالرفع وهو منصوب المحل على الحال أي لا تعط مستكثراً رائياً لما تعطيه كثيراً أو طالباً أكثر مما أعطيت فإنك مأمور بأجلّ الأخلاق وأشرف الآداب، وهو من منّ عليه إذا أنعم عليه. وقرأ الحسن { تَسْتَكْثِرُ } بالسكون جواباً للنهي { وَلِرَبِّكَ فَٱصْبِرْ } ولوجه الله فاستعمل الصبر على أوامره ونواهيه وكل مصبور عليه ومصبور عنه { فَإِذَا نُقِرَ فِى ٱلنَّاقُورِ } نفخ في الصور وهي النفخة الأولى وقيل الثانية { فَذَٰلِكَ } إشارة إلى وقت النقر وهو مبتدأ { يَوْمَئِذٍ } مرفوع المحل بدل من { ذٰلِكَ } { يَوْمٌ عَسِيرٌ } خبر كأنه قيل: فيوم النقر يوم عسير.

السابقالتالي
2 3