الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } * { قَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { قَالَ يَٰقَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَـٰلَةٌ وَلَٰكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } * { أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } * { أَوَ عَجِبْتُمْ أَن جَآءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنْكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُواْ وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } * { فَكَذَّبُوهُ فَأَنجَيْنَاهُ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ فِي ٱلْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً عَمِينَ } * { وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } * { قَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ ٱلْكَاذِبِينَ } * { قَالَ يَٰقَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَٰكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ } * { أُبَلِّغُكُمْ رِسَٰلٰتِ رَبِّي وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ } * { أَوَ عَجِبْتُمْ أَن جَآءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَٱذكُرُوۤاْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَآءَ مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي ٱلْخَلْقِ بَصْطَةً فَٱذْكُرُوۤاْ ءَالآءَ ٱللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } * { قَالُوۤاْ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ ٱللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } * { قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَٰدِلُونَنِي فِيۤ أَسْمَآءٍ سَمَّيْتُمُوهَآ أَنْتُمْ وَآبَآؤكُمُ مَّا نَزَّلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ فَٱنْتَظِرُوۤاْ إِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ ٱلْمُنْتَظِرِينَ }

{ لقد أرسلنا } جواب قسم محذوف أي والله لقد أرسلنا { نوحاً إلىٰ قومه } أرسل وهو ابن خمسين سنة وكان نجاراً، وهو نوح بن لمك بن متوشلخ بن أخنوخ وهو اسم إدريس عليه السلام { فقال ياقوم اعبدوا اللّه ما لكم مّن إلٰهٍ غيره } { غيره } علي. فالرفع على المحل كأنه قيل: ما لكم إله غيره فلا تعبدوا معه غيره، والجر على اللفظ { إنّىٰ أخاف عليكم عذاب يومٍ عظيمٍ } يوم القيامة أو يوم نزول العذاب عليهم وهو الطوفان.

{ قال الملأ } أي الأشراف والسادة { من قومه إنّا لنراك في ضلالٍ مّبينٍ } أي بين في ذهاب عن طريق الصواب، والرؤية رؤية القلب { قال يا قوم ليس بي ضلالةٌ } ولم يقل ضلال كما قالوا لأن الضلالة أخص من الضلال فكانت أبلغ في نفي الضلال عن نفسه كأنه قال: ليس بي شيء من الضلال. ثم استدرك لتأكيد نفي الضلالة فقال { ولكنّي رسولٌ مّن رّبّ العالمين } لأن كونه رسولاً من الله مبلغاً لرسالاته في معنى كونه على الصراط المستقيم فكان في الغاية القصوى من الهدى { أبلّغكم رسالٰت ربّي } ما أوحي إلي في الأوقات المتطاولة أو في المعاني المختلفة من الأوامر والنواهي والمواعظ والبشائر والنظائر. { أبلغكم } أبو عمرو. وهو كلام مستأنف بيان لكونه رسول رب العالمين { وأنصح لكم } وأقصد صلاحكم بإخلاص. يقال نصحته ونصحت له، وفي زيادة اللام مبالغة ودلالة على إمحاض النصيحة. وحقيقة النصح إرادة الخير لغيرك مما تريده لنفسك أو النهاية في صدق العناية { وأعلم من اللّه ما لا تعلمون } أي من صفاته يعني قدرته الباهرة وشدة بطشه على أعدائه وأن بأسه لا يرد عن القوم المجرمين { أو عجبتم } الهمزة للإنكار والواو للعطف والمعطوف عليه محذوف كأنه قيل: أكذبتم وعجبتم { أن جآءكم } من أن جاءكم { ذكرٌ } موعظة { مّن رّبّكم علىٰ رجلٍ مّنكم } على لسان رجل منكم أي من جنسكم، وذلك أنهم كانوا يتعجبون من نبوة نوح عليه السلام ويقولونما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين } يعنون إرسال البشر ولو شاء ربنا لأنزل ملائكة { لينذركم } ليحذركم عاقبة الكفر { ولتتّقوا } ولتوجد منكم التقوى وهي الخشية بسبب الإنذار { ولعلّكم ترحمون } ولترحموا بالتقوى إن وجدت منكم { فكذّبوه } فنسبوه إلى الكذب { فأنجيناه والّذين معه } وكانوا أربعين رجلاً وأربعين امرأة وقيل تسعة: بنوه سام وحام ويافث، وستة ممن آمن به { في الفلك } يتعلق بمعه كأنه قيل: والذين صحبوه في الفلك { وأغرقنا الّذين كذّبوا بأياتنا إنّهم كانوا قوماً عمين } عن الحق. يقال أعمى في البصر وعمٍ في البصيرة.

{ وإلىٰ عادٍ } وأرسلنا إلى عاد وهو عطف على { نوحا } { أخاهم } واحداً منهم من قولك «يا أخا العرب» للواحد منهم.

السابقالتالي
2