الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ وَنَادَىۤ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ أَصْحَابَ ٱلنَّارِ أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّاً فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً قَالُواْ نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّالِمِينَ } * { ٱلَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُمْ بِٱلآخِرَةِ كَافِرُونَ } * { وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى ٱلأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْاْ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ أَن سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ } * { وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَآءَ أَصْحَابِ ٱلنَّارِ قَالُواْ رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَنَادَىٰ أَصْحَابُ ٱلأَعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُواْ مَآ أَغْنَىٰ عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ } * { أَهَـۤؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لاَ يَنَالُهُمُ ٱللَّهُ بِرَحْمَةٍ ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ } * { وَنَادَىٰ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ ٱلْمَآءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } * { ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَا فَٱلْيَوْمَ نَنسَـٰهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَآءَ يَوْمِهِمْ هَـٰذَا وَمَا كَانُواْ بِآيَٰتِنَا يَجْحَدُونَ } * { وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَىٰ عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } * { هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ ٱلَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَآءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلْحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَآءَ فَيَشْفَعُواْ لَنَآ أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ ٱلَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } * { إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ يُغْشِي ٱلَّيلَ ٱلنَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ وَٱلنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ ٱلْخَلْقُ وَٱلأَمْرُ تَبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } * { ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ } * { وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَٱدْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ ٱلْمُحْسِنِينَ } * { وَهُوَ ٱلَّذِي يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّىٰ إِذَآ أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ ٱلْمَآءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ كَذٰلِكَ نُخْرِجُ ٱلْموْتَىٰ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } * { وَٱلْبَلَدُ ٱلطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَٱلَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً كَذٰلِكَ نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ }

{ ونادٰى أصحاب الجنّة أصحاب النّار أن قد وجدنا } «أن» مخففة من الثقيلة أو مفسرة وكذلك { أن لعنة اللّه على الظالمين } { ما وعدنا ربّنا } من الثواب { حقًّا } حال { فهل وجدّتم مّا وعد ربّكم } من العذاب { حقًّا } وتقديره وعدكم ربكم فحذف «كم» لدلالة { وعدنا ربنا } عليه. وإنما قالوا لهم ذلك شماتة بأصحاب النار واعترافاً بنعم الله تعالى { قالوا نعم } وبكسر العين حيث كان: عليٌّ { فأذّن مؤذّنٌ بينهم } نادى مناد وهو ملك يسمع أهل الجنة والنار { أن لّعنة اللّه علىٰ الظّالمين } { أن لعنة } مكي وشامي وحمزة وعلي { الّذين يصدّون } يمنعون { عن سبيل اللّه } دينه { ويبغونها عوجاً } مفعول ثان لـ «يبغون» أي ويطلبون لها الاعوجاج والتناقض { وهم بالآخرة } بالدار الآخرة { كافرون وبينهما } وبين الجنة والنار أو بين الفريقين { حجابٌ } وهو السور المذكور في قوله:فضرب بينهم بسور } [الحديد: 13] { وعلى الأعراف } على أعراف الحجاب وهو السور المضروب بين الجنة والنار وهي أعاليه جمع عرف، استعير من عرف الفرس وعرف الديك { رجالٌ } من أفاضل المسلمين أو من آخرهم دخولاً في الجنة لاستواء حسناتهم وسيآتهم، أو من لم يرض عنه أحد أبويه أو أطفال المشركين { يعرفون كلاًّ } من زمرة السعداء والأشقياء { بسيماهم } بعلامتهم. قيل: سيما المؤمنين بياض الوجوه ونضارتها، وسيما الكافرين سواد الوجوه وزرقة العيون { ونادوا } أي أصحاب الأعراف { أصحاب الجنّة أن سلامٌ عليكم } أنه سلام أو أي سلام وهو تهنئة منهم لأهل الجنة { لم يدخلوها } أي أصحاب الأعراف ولا محل له لأنه استئناف كأن سائلاً سأل أصحاب الأعراف فقيل { لم يدخلوها } { وهم يطمعون } في دخولها أوله محل وهو صفة لـ { رجال }.

{ وإذا صرفت أبصارهم } أبصار أصحاب الأعراف، وفيه أن صارفاً يصرف أبصارهم لينظروا فيستعيذوا { تلقآء } ظرف أي ناحية { أصحاب النّار } ورأوا ما هم فيه من العذاب { قالوا ربّنا لا تجعلنا مع القوم الظّالمين } فاستعاذوا بالله وفزعوا إلى رحمته أن لا يجعلهم معهم { ونادى أصحاب الأعراف رجالاً } من رءوس الكفرة { يعرفونهم بسيماهم قالوا مآ أغنىٰ عنكم جمعكم } المال أو كثرتكم واجتماعكم و «ما» نافية { وما كنتم تستكبرون } واستكباركم على الحق وعلى الناس ثم يقولون لهم:

{ أهؤلاء } مبتدأ { الّذين } خبر مبتدأ مضمر تقديره أهؤلاء هم الذين { أقسمتم } حلفتم في الدنيا، والمشار إليهم فقراء المؤمنين كصهيب وسليمان ونحوهما { لا ينالهم اللّه برحمةٍ } جواب { أقسمتم } وهو داخل في صلة { الذين } تقديره أقسمتم عليهم بأن لا ينالهم الله برحمة أي لا يدخلهم الجنة يحتقرونهم لفقرهم. فيقال لأصحاب الأعراف: { ادخلوا الجنّة } وذلك بعد أن نظروا إلى الفريقين وعرفوهم بسيماهم وقالوا ما قالوا { لا خوفٌ عليكم ولا أنتم تحزنون ونادٰى أصحاب النّار أصحاب الجنّة أن أفيضوا علينا من المآء } أن مفسرة.

السابقالتالي
2 3