الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ ٱسْكُنُواْ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةَ وَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُواْ حِطَّةٌ وَٱدْخُلُواْ ٱلْبَابَ سُجَّداً نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطِيۤئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ ٱلْمُحْسِنِينَ } * { فَبَدَّلَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ ٱلَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ بِمَا كَانُواْ يَظْلِمُونَ } * { وَسْئَلْهُمْ عَنِ ٱلْقَرْيَةِ ٱلَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ ٱلْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي ٱلسَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ } * { وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً ٱللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } * { فَلَماَّ نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا ٱلَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ ٱلسُوۤءِ وَأَخَذْنَا ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ } * { فَلَماَّ عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ } * { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ ٱلْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي ٱلأَرْضِ أُمَماً مِّنْهُمُ ٱلصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذٰلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِٱلْحَسَنَاتِ وَٱلسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } * { فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُواْ ٱلْكِتَٰبَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَـٰذَا ٱلأَدْنَىٰ وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِّثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِّيثَٰقُ ٱلْكِتَٰبِ أَن لاَّ يِقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْحَقَّ وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ وَٱلدَّارُ ٱلآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }

{ وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ } واذكر إذ قيل لهم { ٱسْكُنُواْ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةَ } بيت المقدس { وَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُواْ حِطَّةٌ وَٱدْخُلُواْ ٱلْبَابَ سُجَّدًا نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَـٰتِكُمْ } { تَغْفِر لَكُمْ } مدني وشامي { خَطِيئَـٰتِكُمْ } مدني { خَطَـٰيَـٰكُمْ } أبو عمرو { خَطِئتكم } شامي { سَنَزِيدُ ٱلْمُحْسِنِينَ فَبَدَّلَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ ٱلَّذِى قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مّنَ ٱلسَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَظْلِمُونَ } ولا تناقض بين قولهٱسْكُنُواْ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةَ وَكُلُواْ مِنْهَا } في هذه السورة وبين قوله في سورة«البقرة»ٱدْخُلُواْ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةَ فَكُلُواْ } [البقرة: 85] لوجود الدخول والسكنى. وسواء قدموا الحطة على دخول الباب أو أخروها فهم جامعون بينهما. وترك ذكر الرغد لا يناقض إثباته، وقوله { نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَـٰيَـٰكُمْ سَنَزِيدُ ٱلْمُحْسِنِينَ } موعد بشيئين بالغفران وبالزيادة، وطرح الواو لا يخل بذلك لأنه استئناف مرتب على قول القائل: وماذا بعد الغفران؟ فقيل له: { سَنَزِيدُ ٱلْمُحْسِنِينَ } وكذلك زيادة { مِنْهُمْ } زيادة بيان و { أَرْسَلْنَا } و { أَنزَلْنَا } و { يَظْلِمُونَ } و { يَفْسُقُونَ } من وادٍ واحد.

{ وَسْئَلْهُمْ } واسأل اليهود { عَنِ ٱلْقَرْيَةِ } أيلة أو مدين وهذا السؤال للتقريع بقديم كفرهم { ٱلَّتِى كَانَتْ حَاضِرَةَ ٱلْبَحْرِ } قريبة منه { إِذْ يَعْدُونَ فِى ٱلسَّبْتِ } إذ يتجاورون حد الله فيه وهو اصطيادهم في يوم السبت وقد نهوا عنه { إِذْ يَعْدُونَ } في محل الجر بدل من { ٱلقَرْيَةِ } والمراد بالقرية أهلها كأنه قيل: واسألهم عن أهل القرية وقت عدوانهم في السبت وهو من بدل الاشتمال { إِذْ تَأْتِيهِمْ } منصوب بـ { يَعْدُونَ } أو بدل بعد بدل { حِيتَانُهُمْ } جمع حوت أبدلت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها { يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا } ظاهرة على وجه الماء جمع شارع حال من الحيتان، والسبت مصدر سبتت اليهود إذا عظمت سبتها بترك الصيد والاشتغال بالتعبد، والمعنى إذ يعدون في تعظيم اليوم وكذا قوله { يَوْمَ سَبْتِهِمْ } معناه يوم تعظيمهم أمر السبت ويدل عليه { وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ } و { يَوْمٍ } ظرف { لاَ تَأْتِيهِمْ } { كَذٰلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ } مثل ذلك البلاء الشديد نبلوهم بفسقهم { وَإِذْ قَالَتِ } معطوف على { إِذْ يَعْدُونَ } وحكمه كحكمه في الإعراب { أُمَّةٌ مّنْهُمْ } جماعة من صلحاء القرية الذين أيسوا من وعظهم بعدما ركبوا الصعب والذلول في موعظتهم لآخرين لا يقلعون عن وعظهم { لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا ٱللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيدًا } وإنما قالوا ذلك لعلمهم أن الوعظ لا ينفع فيهم { قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبّكُمْ } - معذرة - أي موعظتنا إبلاء عذر إلى الله لئلا ننسب في النهي عن المنكر إلى التفريط { مَعْذِرَةً } حفص على أنه مفعول له أي وعظناهم للمعذرة { وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } ولطمعنا في أن يتقوا.

السابقالتالي
2