الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَىٰ بِآيَٰتِنَآ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلإِيْهِ فَظَلَمُواْ بِهَا فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ } * { وَقَالَ مُوسَىٰ يٰفِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { حَقِيقٌ عَلَىٰ أَنْ لاَّ أَقُولَ عَلَى ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } * { قَالَ إِن كُنتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } * { فَأَلْقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ } * { وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَآءُ لِلنَّاظِرِينَ } * { قَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَـٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ } * { يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ } * { قَالُوۤاْ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي ٱلْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ } * { يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ } * { وَجَآءَ ٱلسَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالْوۤاْ إِنَّ لَنَا لأَجْراً إِن كُنَّا نَحْنُ ٱلْغَالِبِينَ } * { قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ } * { قَالُواْ يٰمُوسَىٰ إِمَّآ أَن تُلْقِيَ وَإِمَّآ أَن نَّكُونَ نَحْنُ ٱلْمُلْقِينَ } * { قَالَ أَلْقُوْاْ فَلَمَّآ أَلْقَوْاْ سَحَرُوۤاْ أَعْيُنَ ٱلنَّاسِ وَٱسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَآءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ } * { وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ } * { فَوَقَعَ ٱلْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وَٱنقَلَبُواْ صَاغِرِينَ } * { وَأُلْقِيَ ٱلسَّحَرَةُ سَاجِدِينَ } * { قَالُوۤاْ آمَنَّا بِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { رَبِّ مُوسَىٰ وَهَارُونَ } * { قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُمْ بِهِ قَبْلَ أَن آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَـٰذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِي ٱلْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُواْ مِنْهَآ أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } * { لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِّنْ خِلاَفٍ ثُمَّ لأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ } * { قَالُوۤاْ إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ } * { وَمَا تَنقِمُ مِنَّآ إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَآءَتْنَا رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ } * { وَقَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَونَ أَتَذَرُ مُوسَىٰ وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَآءَهُمْ وَنَسْتَحْيِـي نِسَآءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ } * { قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ ٱسْتَعِينُوا بِٱللَّهِ وَٱصْبِرُوۤاْ إِنَّ ٱلأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَٱلْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ } * { قَالُوۤاْ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ }

{ ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم } الضمير للرسل في قوله { وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم } أو للأمم { مُّوسَىٰ بِـئَايَـٰتِنَا } بالمعجزات الواضحات { إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلإِيِهِ فَظَلَمُواْ بِهَا } فكفروا بآياتنا، أجرى الظلم مجرى الكفر لأنهما من وادٍ واحدإِنَّ ٱلشّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } [لقمان: 13] أو فظلموا الناس بسببها حين آذوا من آمن، أو لأنه إذا وجب الإيمان بها فكفروا بدل الإيمان كان كفرهم بها ظلماً حيث وضعوا الكفر غير موضعه وهو موضع الإيمان { فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ } حيث صاروا مغرقين { وَقَالَ مُوسَىٰ يٰفِرْعَوْنُ } يقال لملوك مصر «الفراعنة» كما يقال لملوك فارس «الأكاسرة»، وكأنه قال: يا ملك مصر ـ واسمه قابوس أو الوليد بن مصعب بن الريان ـ { إِنّى رَسُولٌ مّن رَّبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } إليك. قال فرعون: كذبت. فقال موسى: { حَقِيقٌ عَلَى أَن لا أَقُولَ عَلَى ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْحَقَّ } أي أنا حقيق على قول الحق أي واجب على قول الحق أن أكون قائله والقائم به. { حَقِيقٌ عَلَىَّ } نافع أي واجب عليّ ترك القول على الله إلا الحق أي الصدق، وعلى هذه القراءة تقف على { ٱلْعَـٰلَمِينَ } وعلى الأول يجوز الوصل على جعل { حَقِيقٌ } وصف الرسول، و«علي» بمعنى الباء كقراءة أبي أي إني رسول خليق بأن لا أقول، أو يعلق «على» بمعنى الفعل في الرسول أي إني رسول حقيق جدير بالرسالة أرسلت على أن لا أقول على الله إلا الحق { قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيّنَةٍ مِّن رَبُّكُـمْ } بما يبين رسالتي { فَأَرْسِلْ مَعِىَ بَنِى إِسْرٰءيلَ } فخلهم يذهبوا معي راجعين إلى الأرض المقدسة التي هي وطنهم. وذلك أن يوسف عليه السلام لما توفي غلب فرعون على نسل الأسباط واستعبدهم فأنقذهم الله بموسى عليه السلام، وكان بين اليوم الذي دخل يوسف عليه السلام مصر واليوم الذي دخله موسى أربعمائة عام { مَعِىَ } حفص { قَالَ إِن كُنتَ جِئْتَ بِـئَايَةٍ } من عند من أرسلك { فَأْتِ بِهَا إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ } فأتني بها لتصح دعواك ويثبت صدقك فيها { فَأُلْقِىَ } موسى عليه السلام { عَصَـٰهُ } من يده { فَإِذَا هِىَ } { إِذَا } هذه للمفاجأة وهي من ظروف المكان بمنزلة «ثمة» و«هناك» { ثُعْبَانٌ } حية عظيمة { مُّبِينٌ } ظاهر أمره. روي أنه كان ذكراً فاغراً فاه بين لحييه ثمانون ذراعاً، وضع لحيه الأسفل في الأرض والأعلى على سور القصر، ثم توجه نحو فرعون فهرب وأحدث ولم يكن أحدث قبل ذلك، وحمل على الناس فمات منهم خمسة وعشرون ألفاً قتل بعضهم بعضاً، فصاح فرعون: يا موسى خذه وأنا أومن بك فأخذه موسى فعاد عصاً { وَنَزَعَ يَدَهُ } من جيبه { فَإِذَا هِىَ بَيْضَاء لِلنَّـٰظِرِينَ } أي فإذا هي بيضاء للنظارة، ولا تكون بيضاء للنظارة إلا إذا كان بياضاً عجيباً خارجاً عن العادة يجمع الناس للنظر إليه.

السابقالتالي
2 3 4