الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلْحَاقَّةُ } * { مَا ٱلْحَآقَّةُ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْحَاقَّةُ } * { كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِٱلْقَارِعَةِ } * { فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُواْ بِٱلطَّاغِيَةِ } * { وَأَمَا عَادٌ فَأُهْلِكُواْ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ } * { سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى ٱلْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ } * { فَهَلْ تَرَىٰ لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ } * { وَجَآءَ فِرْعَوْنُ وَمَن قَبْلَهُ وَٱلْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ } * { فَعَصَوْاْ رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَّابِيَةً } * { إِنَّا لَمَّا طَغَا ٱلْمَآءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي ٱلْجَارِيَةِ } * { لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَآ أُذُنٌ وَاعِيَةٌ } * { فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ } * { وَحُمِلَتِ ٱلأَرْضُ وَٱلْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً } * { فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ ٱلْوَاقِعَةُ } * { وَٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ } * { وَٱلْمَلَكُ عَلَىٰ أَرْجَآئِهَآ وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ } * { يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لاَ تَخْفَىٰ مِنكُمْ خَافِيَةٌ } * { فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَـٰبَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَآؤُمُ ٱقْرَءُواْ كِتَـٰبيَهْ } * { إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاَقٍ حِسَابِيَهْ } * { فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ } * { فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ } * { قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ }

{ ٱلْحَاقَّةُ } الساعة الواجبة الوقوع الثابتة المجيء التي هي آتية لا ريب فيها، من حق يحق بالكسر أي وجب { مَا ٱلْحَاقَّةُ } مبتدأ وخبر وهما خبر { ٱلْحَاقَّةُ } والأصل الحاقة ما هي أي أيّ شيء هي تفخيماً لشأنها وتعظيماً لهولها أي حقها أن يستفهم عنها لعظمها، فوضع الظاهر موضع الضمير لزيادة التهويل { وَمَا أَدْرَاكَ } وأي شيء أعلمك { مَا ٱلْحَاقَّةُ } يعني أنك لا علم لك بكنهها ومدى عظمها، لأنه من العظم والشدة بحيث لا تبلغه دراية المخلوقين. و «ما» رفع بالابتداء و { أَدْرَاكَ } الخبر، والجملة بعده في موضع نصب لأنها مفعول ثانٍ لـ «أدرى» { كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِٱلْقَارِعَةِ } أي بالحاقة فوضعت القارعة موضعها لأنها من أسماء القيامة، وسميت بها لأنها تقرع الناس بالأفزاع والأهوال. ولما ذكرها وفخمها أتبع ذكر ذلك ذكر من كذب بها وما حل بهم بسبب التكذيب تذكيراً لأهل مكة وتخويفاً لهم من عاقبة تكذيبهم.

{ فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُواْ بِٱلطَّاغِيَةِ } بالواقعة المجاوزة للحد في الشدة. واختلف فيها فقيل الرجفة، وقيل الصيحة، وقيل الطاغية مصدر كالعافية أي بطغيانهم، ولكن هذا لا يطابق قوله { وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُواْ بِرِيحٍ } أي بالدبور لقوله صلى الله عليه وسلم: " نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور " { صَرْصَرٍ } شديدة الصوت من الصرة الصيحة، أو باردة من الصر كأنها التي كرر فيها البرد وكثر فهي تحرق بشدة بردها { عَاتِيَةٍ } شديد العصف أو عتت على خزانها فلم يضبطوها بإذن الله غضباً على أعداء الله { سَخَّرَهَا } سلطها { عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَـٰنِيَةَ أَيَّامٍ } وكان ابتداء العذاب يوم الأربعاء آخر الشهر إلى الأربعاء الأخرى { حُسُوماً } أي متتابعة لا تنقطع جمع حاسم كشهود تمثيلاً لتتابعها بتتابع فعل الحاسم في إعادة الكي على الداء بعد أخرى حتى ينحسم، وجاز أن يكون مصدراً أي تحسم حسوماً بمعنى تستأصل استئصالاً { فَتَرَى } أيها المخاطب { ٱلْقَوْمَ فِيهَا } في مهابها أو في الليالي والأيام { صَرْعَىٰ } حال جمع صريع { كَأَنَّهُمْ } حال أخرى { أَعْجَازُ } أصول { نَخْلٍ } جمع نخلة { خَاوِيَةٍ } ساقطة أو بالية { فَهَلْ تَرَىٰ لَهُم مّن بَاقِيَةٍ } من نفس باقية أو من بقاء كالطاغية بمعنى الطغيان.

{ وَجَاء فِرْعَوْنُ وَمَن قَبْلَهُ } ومن تقدمه من الأمم { وَمِن قَبْلِهِ } بصري وعلي أي ومن عنده من أتباعه { وَٱلْمُؤْتَفِكَـٰتِ } قرى قوم لوط فهي ائتفكت أي انقلبت بهم { بِالْخَاطِئَةِ } بالخطأ أو بالفعلة أو بالأفعال ذات الخطأ العظيم { فَعَصَوْاْ } أي قوم لوط { رَسُولَ رَبّهِمْ } لوطاً { فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَّابِيَةً } شديدة زائدة في الشدة كما زادت قبائحهم في القبح { إِنَّا لَمَّا طَغَا ٱلْمَاء } ارتفع وقت الطوفان على أعلى جبل في الدنيا خمسة عشر ذراعاً { حَمَلْنَـٰكُمْ } أي آباءكم { فِى ٱلْجَارِيَةِ } في سفينة نوح عليه السلام { لِنَجْعَلَهَا } أي الفعلة وهي إنجاء المؤمنين وإغراق الكافرين { لَكُمْ تَذْكِرَةً } عبرة وعظة { وَتَعِيَهَا } وتحفظها { أُذُنٌ } بضم الذال: غير نافع { وٰعِيَةٌ } حافظة لما تسمع.

السابقالتالي
2