الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ فَتَنَادَوْاْ مُصْبِحِينَ } * { أَنِ ٱغْدُواْ عَلَىٰ حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ } * { فَٱنطَلَقُواْ وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ } * { أَن لاَّ يَدْخُلَنَّهَا ٱلْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِّسْكِينٌ } * { وَغَدَوْاْ عَلَىٰ حَرْدٍ قَادِرِينَ } * { فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوۤاْ إِنَّا لَضَآلُّونَ } * { بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ } * { قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ لَوْلاَ تُسَبِّحُونَ } * { قَالُواْ سُبْحَانَ رَبِّنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ } * { فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَلاَوَمُونَ } * { قَالُواْ يٰوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ } * { عَسَىٰ رَبُّنَآ أَن يُبْدِلَنَا خَيْراً مِّنْهَآ إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا رَاغِبُونَ } * { كَذَلِكَ ٱلْعَذَابُ وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } * { إِنَّ لِّلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ } * { أَفَنَجْعَلُ ٱلْمُسْلِمِينَ كَٱلْمُجْرِمِينَ } * { مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ } * { أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ } * { إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ } * { أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ } * { سَلْهُمْ أَيُّهُم بِذَلِكَ زَعِيمٌ } * { أَمْ لَهُمْ شُرَكَآءُ فَلْيَأتُواْ بِشُرَكَآئِهِمْ إِن كَانُواْ صَادِقِينَ } * { يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ } * { خَٰشِعَةً أَبْصَٰرُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُواْ يُدْعَوْنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ وَهُمْ سَٰلِمُونَ }

{ فَتَنَادَوْاْ مُصْبِحِينَ } نادى بعضهم بعضاً عند الصباح { أَنِ ٱغْدُواْ } باكروا { عَلَىٰ حَرْثِكُمْ } ولم يقل «إلى حرثكم» لأن الغدوّ إليه ليصرموه كان غدوّاً عليه أو ضمن الغدوّ معنى الإقبال أي فأقبلوا على حرثكم باكرين { إِن كُنتُمْ صَـٰرِمِينَ } مريدين صرامه { فَٱنطَلَقُواْ } ذهبوا { وَهُمْ يَتَخَـٰفَتُونَ } يتسارّون فيما بينهم لئلا يسمعوا المساكين { أَن لاَّ يَدْخُلَنَّهَا } أي الجنة و«إن» مفسرة وقرىء بطرحها بإضمار القول أي يتخافتون يقولون لا يدخلنها { ٱلْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مّسْكِينٌ } والنهي عن دخول المساكين. نهى عن التمكين أي لا تمكنوه من الدخول.

{ وَغَدَوْاْ عَلَىٰ حَرْدٍ } على جد في المنع { قَـٰدِرِينَ } عند أنفسكم على المنع كذا عن نفطويه، أو الحرد القصد والسرعة أي وغدوا قاصدين إلى جنتهم بسرعة قادرين عند أنفسهم على صرامها وزي منفعتها عن منفعتها عن المساكين، أو هو علم للجنة أي غدوا على تلك الجنة قادرين على صرامها عند أنفسهم.

{ فَلَمَّا رَأَوْهَا } أي جنتهم محترقة { قَالُواْ } في بديهة وصولهم { إِنَّا لَضَالُّونَ } أي ضللنا جنتنا وما هي بها لما رأوا من هلاكها، فلما تأملوا وعرفوا أنها هي قالوا { بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ } حرمنا خيرها لجنايتنا على أنفسنا { قَالَ أَوْسَطُهُمْ } أعدلهم وخيرهم { أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ لَوْلاَ تُسَبّحُونَ } هلا تستثنون إذ الاستثناء التسبيح لالتقائهما في معنى التعظيم لله، لأن الاستثناء تفويض إليه والتسبيح تنزيه له، وكل واحد من التفويض والتنزيه تعظيم. أو لولا تذكرون الله وتتوبون إليه من خبث نيتكم! كان أوسطهم قال لهم حين عزموا على ذلك: اذكروا الله وانتقامه من المجرمين وتوبوا عن هذه العزيمة الخبيثة فعصوه فعيرهم ولهذا { قَالُواْ سُبْحَـٰنَ رَبّنَا إِنَّا كُنَّا ظَـٰلِمِينَ } فتكلموا بعد خراب البصرة بما كان يدعوهم إلى التكلم به أولاً، وأقروا على أنفسهم بالظلم في منع المعروف وترك الاستثناء ونزهوه عن أن يكون ظالماً { فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَلَـٰوَمُونَ } يلوم بعضهم بعضاً بما فعلوا من الهرب من المساكين، ويحيل كل واحد منهم اللائمة على الآخر.

ثم اعترفوا جميعاً بأنهم تجاوزوا الحد بقوله { قَالُواْ يٰوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَـٰغِينَ } بمنع حق الفقراء وترك الاستثناء { عَسَىٰ رَبُّنَا أَن يُبْدِلَنَا } وبالتشديد: مدني وأبو عمرو { خَيْراً مّنْهَا } من هذه الجنة { إِنَّا إِلَىٰ رَبّنَا رٰغِبُونَ } طالبون منه الخير راجون لعفوه. عن مجاهد: تابوا فأبدلوا خيراً منها. وعن ابن مسعود رضي الله عنه: بلغني أنهم أخلصوا فأبدلهم بها جنة تسمى الحيوان فيها عنب يحمل البغل منه عنقوداً { كَذَلِكَ ٱلْعَذَابُ } أي مثل ذلك العذاب الذي ذكرناه من عذاب الدنيا لمن سلك سبيلهم { وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَكْبَرُ } أعظم منه { لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } لما فعلوا ما يفضي إلى هذا العذاب.

السابقالتالي
2