الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ تَبَارَكَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ ٱلْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلْمَوْتَ وَٱلْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْغَفُورُ } * { ٱلَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ طِبَاقاً مَّا تَرَىٰ فِي خَلْقِ ٱلرَّحْمَـٰنِ مِن تَفَاوُتٍ فَٱرْجِعِ ٱلْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍ } * { ثُمَّ ٱرجِعِ ٱلبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ ٱلبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ } * { وَلَقَدْ زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِمَصَٰبِيحَ وَجَعَلْنَٰهَا رُجُوماً لِّلشَّيَٰطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ ٱلسَّعِيرِ } * { وَلِلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } * { إِذَآ أُلْقُواْ فِيهَا سَمِعُواْ لَهَا شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ } * { تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَآ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ } * { قَالُواْ بَلَىٰ قَدْ جَآءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ كَبِيرٍ } * { وَقَالُواْ لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِيۤ أَصْحَابِ ٱلسَّعِيرِ } * { فَٱعْتَرَفُواْ بِذَنبِهِمْ فَسُحْقاً لأَصْحَابِ ٱلسَّعِيرِ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِٱلْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ } * { وَأَسِرُّواْ قَوْلَكُمْ أَوِ ٱجْهَرُواْ بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } * { أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ ٱللَّطِيفُ ٱلْخَبِيرُ } * { هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ ذَلُولاً فَٱمْشُواْ فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُواْ مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ ٱلنُّشُورُ } * { ءَأَمِنتُمْ مَّن فِي ٱلسَّمَآءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ ٱلأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ } * { أَمْ أَمِنتُمْ مِّن فِي ٱلسَّمَآءِ أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ } * { وَلَقَدْ كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نكِيرِ } * { أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى ٱلطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَـٰفَّـٰتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ ٱلرَّحْمَـٰنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ }

مكية وهي ثلاثون آية وتسمى الواقية والمنجية لأنها تقي قارئها من عذاب القبر وجاء مرفوعاً من قرأها في ليلة فقد أكثر وأطيب

بسم الله الرحمٰن الرحيم

{ تَبَـٰرَكَ } تعالى وتعاظم عن صفات المخلوقين { ٱلَّذِى بِيَدِهِ ٱلْمُلْكُ } أي بتصرفه الملك والاستيلاء على كل موجود وهو مالك الملك يؤتيه من يشاء وينزعه ممن يشاء { وَهُوَ عَلَىٰ كُلّ شَىْءٍ } من المقدورات أو من الإنعام والانتقام { قَدِيرٌ } قادر على الكمال { ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلْمَوْتَ } خبر مبتدأ محذوف أو بدل من الذي قبله { وَٱلْحَيَوٰةَ } أي ما يصح بوجوده الإحساس والموت ضده، ومعنى خلق الموت والحياة إيجاد ذلك المصحح وإعدامه، والمعنى خلق موتكم وحياتكم أيها المكلفون { لِيَبْلُوَكُمْ } ليمتحنكم بأمره ونهيه فيما بين الموت الذي يعم الأمير والأسير والحياة التي لا تفي بعليل ولا طبيب فيظهر منكم ما علم أنه يكون منكم فيجازيكم على عملكم لا على علمه بكم { أَيُّكُمْ } مبتدأ وخبره { أَحْسَنُ عَمَلاً } أي أخلصه وأصوبه، فالخالص أن يكون لوجه الله، والصواب أن يكون على السنة. والمراد أنه أعطاكم الحياة التي تقدرون بها على العمل، وسلط عليكم الموت الذي هو داعيكم إلى اختيار العمل الحسن على القبيح فما وراءه إلا البعث والجزاء الذي لا بد منه. وقدم الموت على الحياة لأن أقوى الناس داعياً إلى العمل من نصب موته بين عينيه، فقدم لأنه فيما يرجع إلى المسوق له الآية أهم. ولما قدم الموت الذي هو أثر صفة القهر على الحياة التي هي أثر اللطف، قدم صفة القهر على صفة اللطف بقوله { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ } أي الغالب الذي لا يعجزه من أساء العمل { ٱلْغَفُورُ } الستور الذي لا ييأس منه أهل الإساءة والزلل.

{ ٱلَّذِى خَلَقَ سَبْعَ سَمَـٰوٰتٍ طِبَاقًا } مطابقة بعضها فوق بعض من طابق النعل إذا خصفها طبقاً على طبق، وهذا وصف بالمصدر، أو على ذات طباق أو على طوبقت طباقاً. وقيل: جمع طبق كجمال وجمال. والخطاب في { مَّا تَرَىٰ فِى خَلْقِ ٱلرَّحْمَـٰنِ } للرسول أو لكل مخاطب { مِن تَفَـٰوُتٍ } { تَفَـوُتٍ } حمزة وعلي. ومعنى البناءين واحد كالتعاهد والتعهد أي من اختلاف واضطراب. وعن السدي: من عيب. وحقيقة التفاوت عدم التناسب كأن بعض الشيء يفوت بعضاً ولا يلائمه، وهذه الجملة صفة لـ { طِبَاقاً } وأصلها ما ترى فيهن من تفاوت، فوضع { خَلْقِ ٱلرَّحْمَـٰنِ } موضع الضمير تعظيماً لخلقهن وتنبيهاً على سبب سلامتهن من التفاوت، وهو أنه خلق الرحمن وأنه بباهر قدرته هو الذي يخلق مثل ذلك الخلق المتناسب { فَٱرْجِعِ ٱلْبَصَرَ } رده إلى السماء حتى يصح عندك ما أخبرت به بالمعاينة فلا تبقى معك شبهة فيه { هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍ } صدوع وشقوق جمع فطر وهو الشق { ثُمَّ اْرجِعِ البَصَرَ كَرَّتَيْنِ } كرر النظر مرتين أي كرتين مع الأولى.

السابقالتالي
2 3 4