الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ ءَايَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ ءَايَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَٰنُهَا لَمْ تَكُنْ ءَامَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِيۤ إِيمَٰنِهَا خَيْراً قُلِ ٱنتَظِرُوۤاْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَآ أَمْرُهُمْ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ } * { مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَىۤ إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } * { قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّيۤ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } * { قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْمُسْلِمِينَ } * { قُلْ أَغَيْرَ ٱللَّهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } * { وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ ٱلأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ ٱلْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ }

{ هَلْ يَنظُرُونَ } أي أقمنا حجج الوحدانية وثبوت الرسالة وأبطلنا ما يعتقدون من الضلالة فما ينتظرون في ترك الضلالة بعدها { إِلا أَن تَأْتِيهُمُ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ } أي ملائكة الموت لقبض أرواحهم { يَأْتِيهِمُ } حمزة وعلي { أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ } أي أمر ربك وهو العذاب أو القيامة، وهذا لأن الإتيان متشابه وإتيان أمره منصوص عليه محكم فيرد إليه { أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ ءَايَـٰتِ رَبِّكَ } أي أشراط الساعة كطلوع الشمس من مغربها وغير ذلك { يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ ءَايَـٰتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا } لأنه ليس بإيمان اختياري بل هو إيمان دفع العذاب والبأس عن أنفسهم { لَمْ تَكُنْ ءَامَنَتْ مِن قَبْلُ } صفة { نَفْساً } { أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَـٰنِهَا خَيْرًا } أي إخلاصاً كما لا يقبل إيمان الكافر بعد طلوع الشمس من مغربها لا يقبل إخلاص المنافق أيضاً أو توبته وتقديره: لا ينفع إيمان من لم يؤمن ولا توبة من لم يتب قبل { قُلِ ٱنتَظِرُواْ } إحدى الآيات الثلاث { إِنَّا مُنتَظِرُونَ } بكم إحداها.

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ } اختلفوا فيه وساروا فرقاً كما اختلفت اليهود والنصارى وفي الحديث " افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة كلها في الهاوية إلا واحدة وهي الناجية، وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة كلها في الهاوية وإلا واحدة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في الهاوية إلا واحدة وهي السواد الأعظم " وفي رواية " وهي ما أنا عليه وأصحابي " وقيل: فرقوا دينهم فآمنوا ببعض وكفروا ببعض. { فارقوا دِينَهُمُ } حمزة وعلي أي تركوا { وَكَانُواْ شِيَعاً } فرقاً كل فرقة تشيع إماماً لها { لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ } أي من السؤال عنهم وعن تفرقهم أو من عقابهم { إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى ٱللَّهِ يُنَبّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ } فيجازيهم على ذلك { مَن جَاءَ بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا } تقديره عشر حسنات أمثالها إلا أنه أقيم صفة الجنس المميزة مقام الموصوف { وَمَن جَاء بِٱلسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } بنقص الثواب وزيادة العقاب { قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبّي } { رَبّي } أبو عمرو ومدني { إِلَىٰ صِرٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا } نصب على البدل من محل { إِلَىٰ صِرٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ } لأن معناه هداني صراطاً بدليل قولهوَيَهْدِيَكُمْ صِرٰطاً مُّسْتَقِيماً } [الفتح: 20] (قِيِّماً) «قيما» فيعل من قام كسيد من ساد وهو أبلغ من القائم { قَيِّماً } كوفي وشامي وهو مصدر بمعنى القيام وصف به { مِلَّةِ إِبْرٰهِيمَ } عطف بيان { حَنِيفاً } حال من { إِبْرَاهِيمَ } { وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } بالله يا معشر قريش.

{ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي } أي عبادتي، والناسك العابد أو ذبحي أو حجي { وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي } وما أتيته في حياتي وأموت عليه من الإيمان والعمل { للَّهِ رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } خالصة لوجهه.

السابقالتالي
2