الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَآ أَنَزلَ ٱللَّهُ وَلَوْ تَرَىۤ إِذِ ٱلظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ ٱلْمَوْتِ وَٱلْمَلاۤئِكَةُ بَاسِطُوۤاْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوۤاْ أَنْفُسَكُمُ ٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ ٱلْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ غَيْرَ ٱلْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ } * { وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَٰدَىٰ كَمَا خَلَقْنَٰكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَّا خَوَّلْنَٰكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمْ شُفَعَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَآءُ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ } * { إِنَّ ٱللَّهَ فَالِقُ ٱلْحَبِّ وَٱلنَّوَىٰ يُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ ٱلْمَيِّتِ مِنَ ٱلْحَيِّ ذٰلِكُمُ ٱللَّهُ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ } * { فَالِقُ ٱلإِصْبَاحِ وَجَعَلَ ٱلْلَّيْلَ سَكَناً وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ حُسْبَاناً ذٰلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ } * { وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلنُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَٰتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا ٱلآيَٰتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } * { وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَٰحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا ٱلآيَٰتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ } * { وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبّاً مُّتَرَاكِباً وَمِنَ ٱلنَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّٰتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَٰبِهٍ ٱنْظُرُوۤاْ إِلِىٰ ثَمَرِهِ إِذَآ أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذٰلِكُمْ لأَيَٰتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } * { وَجَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَآءَ ٱلْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَٰتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَٰنَهُ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يَصِفُونَ } * { بَدِيعُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَّهُ صَٰحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } * { ذٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمْ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ خَٰلِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَٱعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ } * { لاَّ تُدْرِكُهُ ٱلأَبْصَٰرُ وَهُوَ يُدْرِكُ ٱلأَبْصَٰرَ وَهُوَ ٱللَّطِيفُ ٱلْخَبِيرُ }

{ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } هو مالك بن الصيف { أَوْ قَالَ أُوْحِي إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ } هو مسيلمة الكذاب { وَمَن قَالَ } في موضع جر عطف على { مَنِ ٱفْتَرَىٰ } أي وممن قال { سَأُنزِلُ مِثْلَ مَآ أَنَزلَ ٱللَّهُ } أي سأقول وأملي هو عبد الله بن سعد ابن أبي سرح كاتب الوحي، وقد أملى النبي عليه السلام عليه { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَـٰنَ } إلىخَلْقاً ءاخَرَ } [المؤمنون: 14] فجرى على لسانهفَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَـٰلِقِينَ } [المؤمنون: 14]. فقال عليه السلام: " اكتبها فكذلك نزلت " فشك وقال: إن كان محمد صادقاً فقد أوحي إلي كما أوحي إليه، وإن كان كاذباً فقد قلت كما قال، فارتد ولحق بمكة. أو النضر ابن الحرث كان يقول: والطاحنات طحناً فالعاجنات عجناً فالخابزات خبزاً كأنه يعارض { وَلَوْ تَرَىٰ } جوابه محذوف أي لرأيت أمراً عظيماً { إِذِ ٱلظَّـٰلِمُونَ } يريد الذين ذكرهم من اليهود والمتنبئة فتكون اللام للعهد، ويجوز أن تكون للجنس فيدخل هؤلاء لاشتماله { فِي غَمْرَاتِ ٱلْمَوْتِ } شدائده وسكراته { وَٱلْمَلَٰـئِكَةُ بَاسِطُوآ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ } أي يبسطون إليهم أيديهم يقولون: هاتوا أرواحكم أخرجوها إلينا من أجسادكم، وهذه عبارة عن التشديد في الإزهاق من غير تنفيس وإمهال { ٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ ٱلْهُونِ } أرادوا وقت الإماتة وما يعذبون به من شدة النزع. والهون: الهوان الشديد وإضافة العذاب إليه كقولك «رجل سوء» يريد العراقة في الهوان والتمكن فيه { بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ غَيْرَ ٱلْحَقِّ } من أن له شريكاً وصاحبة وولداً. { غَيْرَ ٱلْحَقِّ } مفعول { تَقُولُونَ } أو وصف لمصدر محذوف أي قولاً غير الحق { وَكُنتُمْ عَنْ ءَايَـٰتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ } فلا تؤمنون بها { وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا } للحساب والجزاء { فرٰدىٰ } منفردين بلا مال ولا معين وهو جمع فريد كأسير وأسارى { كَمَا خَلَقْنَـٰكُمْ } في محل النصب صفة لمصدر { جِئْتُمُونَا } أي مجيئاً مثل ما خلقناكم { أَوَّلَ مَرَّةٍ } على الهيئات التي ولدتم عليها في الانفراد { وَتَرَكْتُمْ مَّا خَوَّلْنَـٰكُمْ } ملكناكم { وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ } ولم تحتملوا منه نقيراً { وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَٰوءُاْ } في استعبادكم { لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ } بينكم وصلكم عن الزجاج والبين: الوصل والهجر قال
فوالله لولا البين لم يكن الهوى   ولولا الهوى ما حن للبين الف
بَيْنِكُمْ } مدني وعلي وحفص أي وقع التقطع بينكم { وَضَلَّ عَنكُم } وضاع وبطل { مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ } أنها شفعاؤكم عند الله.

{ إِنَّ ٱللَّهَ فَالِقُ ٱلْحَبِّ وَٱلنَّوَىٰ } بالنبات والشجر أي فلق الحب عن السنبلة والنواة عن النخلة، والفلق: الشق، وعن مجاهد: أراد الشقين اللذين في النواة والحنطة { يُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيّتِ } النبات الغض النامي من الحب اليابس { وَمُخْرِجُ ٱلْمَيّتِ مِنَ ٱلْحَيِّ } الحب اليابس من النبات النامي، أو الإنسان من النطفة والنطفة من الإنسان، أو المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن، فاحتج الله عليهم بما يشاهدونه من خلقه لأنهم أنكروا البعث فأعلمهم أنه الذي خلق هذه الأشياء فهو يقدر على بعثهم.

السابقالتالي
2 3 4