الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَٰتِ وَٱلنُّورَ ثْمَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ } * { هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَىۤ أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسَمًّى عِندَهُ ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ } * { وَهُوَ ٱللَّهُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَفِي ٱلأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ } * { وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَٰتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ } * { فَقَدْ كَذَّبُواْ بِٱلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ } * { أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّٰهُمْ فِي ٱلأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا ٱلسَّمَآءَ عَلَيْهِم مِّدْرَاراً وَجَعَلْنَا ٱلأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَٰهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ } * { وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَٰباً فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ } * { وَقَالُواْ لَوْلاۤ أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً لَّقُضِيَ ٱلأَمْرُ ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ } * { وَلَوْ جَعَلْنَٰهُ مَلَكاً لَّجَعَلْنَٰهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ } * { وَلَقَدِ ٱسْتُهْزِىءَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِٱلَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُمْ مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ } * { قُلْ سِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ ثُمَّ ٱنْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلْمُكَذِّبِينَ } * { قُل لِّمَن مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ قُل للَّهِ كَتَبَ عَلَىٰ نَفْسِهِ ٱلرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَٰمَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ }

مكية وهي مائة وخمس وستون آية كوفي أربع وستون بصرى

بسم الله الرحمٰن الرحيم

{ ٱلْحَمْدُ للَّهِ } تعليم اللفظ والمعنى مع تعريض الاستغناء أي الحمد له وإن لم تحمدوه { ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأَرْضَ } جمع السمٰوات لأنها طباق بعضها فوق بعض. والأرض وإن كانت سبعة عند الجمهور فليس بعضها فوق بعض بل بعضها موال لبعض. «جعل» يتعدى إلى مفعول واحد إذا كان بمعنى أحدث وأنشأ كقوله { وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَـٰتِ وَٱلنُّورَ } وإلى مفعولين إن كان بمعنى «صير» كقولهوَجَعَلُواْ ٱلْمَلَـئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمْ عِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ إِنَـٰثاً } [الزخرف: 19] وفيه رد قول الثنوية بقدم النور والظلمة، وأفرد النور لإرادة الجنس ولأن ظلمة كل شيء تختلف باختلاف ذلك الشيء، نظيره ظلمة الليل وظلمة البحر وظلمة الموضع المظلم يخالف كل واحد منها صاحبها، والنور ضرب واحد لا يختلف كما تختلف الظلمات، وقدم الظلمات لقوله عليه السلام: " خلق اللّه خلقه في ظلمة ثم رش عليهم من نوره فمن أصابه ذلك النور اهتدى ومن أخطأه ضل " { ثْمَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } بعد هذا البيان { بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ } يساوون به الاوثان، تقول عدلت بذا أي ساويته به، والباء في { بِرَبِّهِمْ } لا للكفر، أو ثم الذين كفروا بربهم يعدلون عنه أي يعرضرن عنه فتكون الباء صلة للكفر وصلة { يَعْدِلُونَ } أي عنه محذوفة، وعطف { ثْمَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } على { ٱلْحَمْدُ للَّهِ } على معنى أن الله حقيق بالحمد على ما خلق إلا نعمة، ثم الذين كفروا به يعدلون فيكفرون نعمته، أو على خلق السماوات على معنى أنه خلق ما خلق مما لا يقدر عليه أحد سواه ثم هم يعدلون به ما لا يقدر على شيء منه. ومعنى «ثم» استبعاد أن يعدلوا به بعد وضوح آيات قدرته. { هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن طِينٍ } «من» لابتداء الغاية أي ابتداء خلق أصلكم يعنى آدم منه { ثُمَّ قَضَىٰ أَجَلاً } أي حكم أجل الموت { وَأَجَلٌ مُّسَمًّى عِندَهُ } أجل القيامة، أو الأول ما بين أن يخلق إلى أن يموت، والثاني ما بين الموت والبعث وهو البرزخ. أو الأول، والثاني الموت، أو الثاني هو الأول وتقديره: وهو أجل مسمى أي معلوم، و { أَجَلٍ مُّسَمًّى } مبتدأ والخبر { عِندَهُ } وقدم المبتدأ وإن كان نكرة والخبر ظرفاً وحقه التأخير لأنه تخصص بالصفة فقارب المعرفة { ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ } تشكون من المرية أو تجادلون من المراء. ومعنى «ثم» استبعاد أن يمتروا فيه بعد ما ثبت أنه محييهم ومميتهم وباعثهم { وَهُوَ ٱللَّهُ } مبتدأ وخبر { ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَفِي ٱلأَرْضِ } متعلق بمعنى اسم الله كأنه قيل: وهو المعبود فيهما كقولهوَهُوَ ٱلَّذِي فِي ٱلسَّماء إِلَـٰهٌ وَفِي ٱلأَرْضِ إِلَـٰهٌ }

السابقالتالي
2 3