الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَآءٌ سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَمَا تَهْوَى ٱلأَنفُسُ وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ ٱلْهُدَىٰ } * { أَمْ لِلإِنسَانِ مَا تَمَنَّىٰ } * { فَلِلَّهِ ٱلآخِرَةُ وٱلأُولَىٰ } * { وَكَمْ مِّن مَّلَكٍ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ لاَ تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاَّ مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ ٱللَّهُ لِمَن يَشَآءُ وَيَرْضَىٰ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ ٱلْمَلاَئِكَةَ تَسْمِيَةَ ٱلأُنْثَىٰ } * { وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَإِنَّ ٱلظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ ٱلْحَقِّ شَيْئاً } * { فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّىٰ عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا } * { ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِّنَ ٱلْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ ٱهْتَدَىٰ } * { وَلِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ لِيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ أَسَاءُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ أَحْسَنُواْ بِٱلْحُسْنَى } * { ٱلَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ ٱلإِثْمِ وَٱلْفَوَاحِشَ إِلاَّ ٱللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ ٱلْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُمْ مِّنَ ٱلأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلاَ تُزَكُّوۤاْ أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ ٱتَّقَىٰ } * { أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِي تَوَلَّىٰ } * { وَأَعْطَىٰ قَلِيلاً وَأَكْدَىٰ } * { أَعِندَهُ عِلْمُ ٱلْغَيْبِ فَهُوَ يَرَىٰ } * { أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَىٰ } * { وَإِبْرَاهِيمَ ٱلَّذِي وَفَّىٰ } * { أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ }

{ إِنْ هِىَ } ما الأصنام { إِلاَّ أَسْمَاء } ليس تحتها في الحقيقة مسميات لأنكم تدعون الإلهية لما هو أبعد شيء منها وأشذ منافاة لها { سَمَّيْتُمُوهَا } أي سميتم بها يقال سميته زيداً وسميته بزيد { أَنتُمْ وَءابَاؤُكُمْ مَّا أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَـٰنٍ } حجة { إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ } إلا توهم أن ما هم عليه حق { وَمَا تَهْوَى ٱلأَنفُسُ } وما تشتهيه أنفسهم { وَلَقَدْ جَاءهُم مّن رَّبّهِمُ ٱلْهُدَىٰ } الرسول والكتاب فتركوه ولم يعملوا به { أَمْ لِلإنسَـٰنِ مَا تَمَنَّىٰ } هي «أم» المنقطعة ومعنى الهمزة فيها الإنكار أي ليس للإنسان يعني الكافر ما تمنى من شفاعة الأصنام أو من قوله:وَلَئِن رُّجّعْتُ إِلَىٰ رَبّى إِنَّ لِى عِندَهُ لَلْحُسْنَىٰ } [فصلت: 50]. وقيل: هو تمني بعضهم أن يكون هو النبي { فَلِلَّهِ ٱلآخِرَةُ وٱلأُولَىٰ } أي هو مالكهما وله الحكم فيهما يعطى النبوة والشفاعة من شاء وارتضى لا من تمني.

{ وَكَمْ مّن مَّلَكٍ فِى ٱلسَّمَـٰوٰتِ لاَ تُغْنِى شَفَـٰعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاَّ مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ ٱللَّهُ لِمَن يَشَاء وَيَرْضَىٰ } يعني أن أمر الشفاعة ضيق فإن الملائكة مع قربتهم وكثرتهم لو شفعوا بأجمعهم لأحد لم تغن شفاعتهم شيئاً قط، ولا تنفع إلا إذا شفعوا من بعد أن يأذن الله لهم في الشفاعة لمن يشاء الشفاعة له ويرضاه ويراه أهلاً لأن يشفع له فكيف تشفع الأصنام إليه لعبدتهم { إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ ٱلْمَلَـٰئِكَةَ } أي كل واحد منهم { تَسْمِيَةَ ٱلأُنثَىٰ } لأنهم إذا قالوا للملائكة بنات الله فقد سموا كل واحد منهم بنتاً وهي تسمية الأنثى.

{ وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ } أي بما يقولون وقرىء بها أي بالملائكة أو التسمية { إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ } هو تقليد الآباء { وَإِنَّ ٱلظَّنَّ لاَ يُغْنِى مِنَ ٱلْحَقّ شَيْئاً } أي إنما يعرف الحق الذي هو حقيقة الشيء وما هو عليه بالعلم والتيقن لا بالظن والتوهم { فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّىٰ عَن ذِكْرِنَا } فأعرض عمن رأيته معرضاً عن ذكر الله أي القرآن { وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا * ذٰلِكَ } أي اختيارهم الدنيا والرضا بها { مَبْلَغُهُمْ مّنَ ٱلْعِلْمِ } منتهى علمهم { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ ٱهْتَدَىٰ } أي هو أعلم بالضال والمهتدي ومجازيهما.

{ وَلِلَّهِ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَمَا فِى ٱلأَرْضِ لِيَجْزِىَ ٱلَّذِينَ أَسَٰئُواْ بِمَا عَمِلُواْ } بعقاب ما عملوا من السوء أو بسبب ما عملوا من السوء { وَيِجْزِى ٱلَّذِينَ أَحْسَنُواْ بِٱلْحُسْنَى } بالمثوبة الحسنى وهي الجنة أو بسبب الأعمال الحسنى، والمعنى أن الله عز وجل إنما خلق العالم وسوى هذه الملكوت ليجزي المحسن من المكلفين والمسيء منهم إذ الملك أهل لنصر الأولياء وقهر الأعداء { ٱلَّذِينَ } بدل أو في موضع رفع على المدح أي هم الذين { يَجْتَنِبُونَ كَبَـٰئِرَ ٱلإثْمِ } أي الكبائر من الإثم لأن الإثم جنس يشتمل على كبائر وصغائر والكبائر الذنوب التي يكبر عقابها، { كَبِيرٌ } حمزة وعلي أي النوع الكبير منه { وَٱلْفَوٰحِشَ } ما فحش من الكبائر كأنه قال: والفواحش منها خاصة.

السابقالتالي
2 3