الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلطُّورِ } * { وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ } * { فِي رَقٍّ مَّنْشُورٍ } * { وَٱلْبَيْتِ ٱلْمَعْمُورِ } * { وَٱلسَّقْفِ ٱلْمَرْفُوعِ } * { وَٱلْبَحْرِ ٱلْمَسْجُورِ } * { إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ } * { مَّا لَهُ مِن دَافِعٍ } * { يَوْمَ تَمُورُ ٱلسَّمَآءُ مَوْراً } * { وَتَسِيرُ ٱلْجِبَالُ سَيْراً } * { فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } * { ٱلَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ } * { يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَىٰ نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا } * { هَـٰذِهِ ٱلنَّارُ ٱلَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ } * { أَفَسِحْرٌ هَـٰذَا أَمْ أَنتُمْ لاَ تُبْصِرُونَ } * { ٱصْلَوْهَا فَٱصْبِرُوۤاْ أَوْ لاَ تَصْبِرُواْ سَوَآءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } * { إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ } * { فَاكِهِينَ بِمَآ آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ ٱلْجَحِيمِ } * { كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ هَنِيئَاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } * { مُتَّكِئِينَ عَلَىٰ سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ } * { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَآ أَلَتْنَاهُمْ مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ ٱمْرِىءٍ بِمَا كَسَبَ رَهَينٌ }

{ وَٱلطُّورِ } هو الجبل الذي كلم الله عليه موسى وهو بمدين { وَكِتَـٰبٍ مُّسْطُورٍ } هو القرآن ونُكِّر لأنه كتاب مخصوص من بين سائر الكتب أو اللوح المحفوظ أو التوراة { فِى رَقّ } هو الصحيفة أو الجلد الذي يكتب فيه { مَّنْشُورٍ } مفتوح لا ختم عليه أو لائح { وَٱلْبَيْتِ ٱلْمَعْمُورِ } أي الضراح وهو بيت في السماء حيال الكعبة وعمرانه بكثرة زواره من الملائكة. رُوي أنه يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ويخرجون ثم لا يعودون إليه أبداً. وقيل: الكعبة لكونها معمورة بالحجاج والعمار { وَٱلسَّقْفِ ٱلْمَرْفُوعِ } أي السماء أو العرش { وَٱلْبَحْرِ ٱلْمَسْجُورِ } المملوء أو الموقد، والواو الأولى للقسم والبواقي للعطف، وجواب القسم { إِنَّ عَذَابَ رَبّكَ } أي الذي أوعد الكفار به { لَوَاقِعٌ } لنازل. قال جبير بن مطعم: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أكلمه في الأسارى فلقيته في صلاة الفجر يقرأ سورة الطور، فلما بلغ { إِنَّ عَذَابَ رَبّكَ لَوَاقِعٌ } أسلمت خوفاً من أن ينزل العذاب { مَالَهُ مِن دَافِعٍ } لا يمنعه مانع والجملة صفة لـ «واقع» أي واقع غير مدفوع.

والعامل في { يَوْمٍ } { لَوَاقِعٌ } أي يقع في ذلك اليوم، أو اذكر { يَوْمَ تَمُورُ } تدور كالرحى مضطربة { ٱلسَّمَاء مَوْراً * وَتَسِيرُ ٱلْجِبَالُ سَيْراً } في الهواء كالسحاب لأنها تصير هباء منثوراً { فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ * ٱلَّذِينَ هُمْ فِى خَوْضٍ يَلْعَبُونَ } غلب الخوض في الاندفاع في الباطل والكذب ومنه قولهوَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ ٱلُخَائِضِينَ } [المدثر: 45] ويبدل { يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَىٰ نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا } من { يَوْمَ تَمُورُ } والدع: الدفع العنيف وذلك أن خزنة النار يغلون أيديهم إلى أعناقهم ويجمعون نواصيهم إلى أقدامهم ويدفعونهم إلى النار دفعاً على وجوههم وزخاً في أقفيتهم فيقال لهم { هَـٰذِهِ ٱلنَّارُ ٱلَّتِى كُنتُم بِهَا تُكَذّبُونَ } في الدنيا { أَفَسِحْرٌ هَـٰذَا } { هَـٰذَا } مبتدأ و { سِحْرٌ } خبره يعني كنتم تقولون للوحي هذا سحر أفسحر هذا يريد أهذا المصداق أيضاً سحر ودخلت الفاء لهذا المعنى { أَمْ أَنتُمْ لاَ تُبْصِرُونَ } كما كنتم لا تبصرون في الدنيا يعني أم أنتم عمي عن المخبر عنه كما كنتم عمياً عن الخبر وهذا تقريع وتهكم.

{ ٱصْلَوْهَا فَٱصْبِرُواْ أَوْ لاَ تَصْبِرُواْ سَوَاء عَلَيْكُمْ } خبر { سَوَآء } محذوف أي سواء عليكم الأمران الصبر وعدمه بقوله { إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } لأن الصبر إنما يكون له مزية على الجزع لنفعه في العاقبة بأن يجازي عليه الصابر جزاء الخير، فأما الصبر على العذاب الذي هو الجزاء ولا عاقبة له ولا منفعة فلا مزية له على الجزع.

{ إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِى جَنَّـٰتٍ } في أية جنات { وَنَعِيمٍ } أي وأي نعيم بمعنى الكمال في الصفة أو في جنات ونعيم مخصوصة بالمتقين خلقت لهم خاصة { فَـٰكِهِينَ } حال من الضمير في الظرف والظرف خبر أي متلذذين { بِمَا ءاتَـٰهُمْ رَبُّهُمْ } وعطف قوله { وَوَقَـٰهُمْ رَبُّهُمْ } على { فِي جَنَّـٰتِ } أي إن المتقين استقروا في جنات.

السابقالتالي
2