الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلذَّارِيَاتِ ذَرْواً } * { فَٱلْحَامِلاَتِ وِقْراً } * { فَٱلْجَارِيَاتِ يُسْراً } * { فَٱلْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً } * { إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ } * { وَإِنَّ ٱلدِّينَ لَوَٱقِعٌ } * { وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلْحُبُكِ } * { إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ } * { يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ } * { قُتِلَ ٱلْخَرَّاصُونَ } * { ٱلَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ } * { يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ ٱلدِّينِ } * { يَوْمَ هُمْ عَلَى ٱلنَّارِ يُفْتَنُونَ } * { ذُوقُواْ فِتْنَتَكُمْ هَـٰذَا ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ } * { إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } * { آخِذِينَ مَآ آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ } * { كَانُواْ قَلِيلاً مِّن ٱللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ } * { وَبِٱلأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } * { وَفِيۤ أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لَّلسَّآئِلِ وَٱلْمَحْرُومِ } * { وَفِي ٱلأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ } * { وَفِيۤ أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ } * { وَفِي ٱلسَّمَآءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ }

{ وَٱلذرِيَـٰتِ } الرياح لأنها تذرو التراب وغيره، وبادغام التاء في الذال: حمزة وأبو عمرو { ذَرْواً } مصدر والعامل فيه اسم الفاعل { فَٱلْحَـٰمِلَـٰتِ } السحاب لأنها تحمل المطر { وِقْراً } مفعول الحاملات { فَٱلْجَـٰرِيَـٰتِ } الفلك { يُسْراً } جرياً ذا يسر أي ذا سهولة { فَٱلْمُقَسّمَـٰتِ أَمْراً } الملائكة لأنها تقسم الأمور من الأمطار والأرزاق وغيرهما، أو تفعل التقسيم مأمورة بذلك، أو تتولى تقسيم أمر العباد؛ فجبريل للغلظة، وميكائيل للرحمة، وملك الموت لقبض الأرواح، وإسرافيل للنفخ. ويجوز أن يراد الرياح لا غير لأنها تنشيء السحاب وتقله وتصرفه وتجري في الجوّ جرياً سهلاً، وتقسم الأمطار بتصريف السحاب. ومعنى الفاء على الأول أنه أقسم بالرياح فبالسحاب التي تسوقه فبالفلك التي تجريها بهبوبها، فبالملائكة التي تقسم الأرزاق بإذن الله من الأمطار وتجارات البحر ومنافعها. وعلى الثاني أنها تبتديء في الهبوب فتذرو التراب والحصباء فتقل السحاب فتجري في الجوّ باسطة له فتقسم المطر { إِنَّمَا تُوعَدُونَ } جواب القسم و«ما» موصولة أو مصدرية والموعود البعث { لَصَـٰدِقٌ } وعد صادق كعيشة راضية أي ذات رضا { وَإِنَّ ٱلدّينَ } الجزاء على الأعمال { لَوَاقِعٌ } لكائن.

{ وَٱلسَّمَاء } هذا قسم آخر { ذَاتِ ٱلْحُبُكِ } الطرائق الحسنة مثل ما يظهر على الماء من هبوب الريح، وكذلك حبك الشعر آثار تثنيه وتكسره جمع حبيكة كطريقة وطرق. ويقال: إن خلقة السماء كذلك. وعن الحسن: حبكها نجومها جمع حباك { إِنَّكُمْ لَفِى قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ } أي قولهم في الرسول ساحر وشاعر ومجنون وفي القرآن سحر وشعر وأساطير الأولين { يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ } الضمير للقرآن أو الرسول أي يصرف عنه من صرف، الصرف الذي لا صرف أشد منه وأعظم، أو يصرف عنه من صرف في سابق علم الله أي علم فيما لم يزل أن مأفوك عن الحق لا يرعوي. ويجوز أن يكون الضمير لما توعدون أو للدين، أقسم بالذاريات على أن وقوع أمر القيامة حق، ثم أقسم بالسماء على أنهم في قول مختلف في وقوعه فمنهم شاك ومنهم جاحد، ثم قال: يؤفك عن الإقرار بأمر القيامة من هو مأفوك { قُتِلَ } لعن وأصله الدعاء بالقتل والهلاك ثم جرى مجرى لعن { ٱلْخَرَّٰصُونَ } الكذابون المقدرون ما لا يصح وهم أصحاب القول المختلف، واللام إشارة إليهم كأنه قيل: قتل هؤلاء الخراصون { ٱلَّذِينَ هُمْ فِى غَمْرَةٍ } في جهل يغمرهم { سَـٰهُونَ } غافلون عما أمروا به.

{ يَسْـئَلُونَ } فيقولون { أَيَّانَ يَوْمُ ٱلدّينِ } أي متى يوم الجزاء وتقديره: أيان وقوع يوم الدين لأنه إنما تقع الأحيان ظروفاً للحدثان. وانتصب اليوم الواقع في الجواب بفعل مضمر دل عليه السؤال أي يقع { يَوْمَ هُمْ عَلَى ٱلنَّارِ يُفْتَنُونَ } ويجوز أن يكون مفتوحاً لإضافته إلى غير متمكن وهو الجملة، ومحله نصب بالمضمر الذي هو يقع أو رفع على هو يوم هم على النار يفتنون يحرقون ويعذبون { ذُوقُواْ فِتْنَتَكُمْ } أي تقول لهم خزنة النار ذوقوا عذابكم وإحراقكم بالنار { هَـٰذَا } مبتدأ خبره { ٱلَّذِى } أي هذا العذاب هو الذي { كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ } في الدنيا بقولكم

السابقالتالي
2