الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ قۤ وَٱلْقُرْآنِ ٱلْمَجِيدِ } * { بَلْ عَجِبُوۤاْ أَن جَآءَهُمْ مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ فَقَالَ ٱلْكَافِرُونَ هَـٰذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ } * { أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ } * { قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ ٱلأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ } * { بَلْ كَذَّبُواْ بِٱلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ فَهُمْ فِيۤ أَمْرٍ مَّرِيجٍ } * { أَفَلَمْ يَنظُرُوۤاْ إِلَى ٱلسَّمَآءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ } * { وَٱلأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ } * { تَبْصِرَةً وَذِكْرَىٰ لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ } * { وَنَزَّلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً مُّبَٰرَكاً فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّٰتٍ وَحَبَّ ٱلْحَصِيدِ } * { وَٱلنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ } * { رِّزْقاً لِّلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً كَذَلِكَ ٱلْخُرُوجُ } * { كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ ٱلرَّسِّ وَثَمُودُ } * { وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ } * { وَأَصْحَابُ ٱلأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُّبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ } * { أَفَعَيِينَا بِٱلْخَلْقِ ٱلأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ } * { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ ٱلْوَرِيدِ } * { إِذْ يَتَلَقَّى ٱلْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ ٱلْيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ قَعِيدٌ } * { مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } * { وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ } * { وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ ٱلْوَعِيدِ } * { وَجَآءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَآئِقٌ وَشَهِيدٌ } * { لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَـٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَآءَكَ فَبَصَرُكَ ٱلْيَوْمَ حَدِيدٌ }

الكلام في { ق وَٱلْقُرْءَانِ ٱلْمَجِيدِ بَلْ عَجِبُوآ } كالكلام فيص وَٱلْقُرْءانِ ذِى ٱلذّكْرِ بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } سواء بسواء لالتقائهما في أسلوب واحد. والمجيد ذو المجد والشرف على غيره من الكتب ومن أحاط علماً بمعانيه وعمل بما فيه مجد عند الله وعند الناس. وقوله { بَلْ عَجِبُواْ } أي كفار مكة { أَن جَآءَهُمْ مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ } أي محمد صلى الله عليه وسلم إنكار لتعجبهم مما ليس بعجب وهو أن ينذرهم بالمخوف رجل منهم قد عرفوا عدالته وأمانته، ومن كان كذلك لم يكن إلا ناصحاً لقومه خائفاً أن ينالهم مكروه، وإذا علم أن مخوفاً أظلهم لزمه أن ينذرهم فكيف بما هو غاية المخاوف وإنكار لتعجبهم مما أنذرهم به من البعث مع علمهم بقدرة الله تعالى على خلق السماوات والأرض وما بينهما، وعلى اختراع كل شيء وإقرارهم بالنشأة الأولى مع شهادة العقل بأنه لا بد من الجزاء؟ ثم عول على أحد الإنكارين بقوله { فَقَالَ ٱلْكَـٰفِرُونَ هَـٰذَا شَىْءٌ عَجِيبٌ أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً } دلالة على أن تعجبهم من البعث أدخل في الاستبعاد وأحق بالإنكار. وضع الكافرون موضع الضمير للشهادة على أنهم في قولهم هذا مقدمون على الكفر العظيم، وهذا إشارة إلى الرجع. و«إذا» منصوب بمضمر معناه أحين نموت ونبلى نرجع. { مِتْنَا } نافع وعلي وحمزة وحفص { ذَٰلِكَ رَجْعُ بَعِيدٌ } مستبعد مستنكر كقولك «هذا قول بعيد» أي بعيد من الوهم والعادة. ويجوز أن يكون الرجع بمعنى المرجوع وهو الجواب، ويكون من كلام الله تعالى استبعاداً لإنكارهم ما أنذروا به من البعث، والوقف على { تُرٰباً } على هذا حسن، وناصب الظرف إذا كان الرجع بمعنى المرجوع ما دل عليه المنذر من المنذر به وهو البعث { قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ ٱلأَرْضَ مِنْهُمْ } رد لاستبعادهم الرجع لأن من لطف علمه حتى علم ما تنقص الأرض من أجساد الموتى وتأكله من لحومهم وعظامهم كان قادراً على رجعهم أحياء كما كانوا { وَعِندَنَا كِتَـٰبٌ حَفِيظٌ } محفوظ من الشياطين ومن التغير وهو اللوح المحفوظ، أو حافظ لما أودعه وكتب فيه { بَلْ كَذَّبُواْ بِٱلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ } إضراب أتبع الإضراب الأول للدلالة على أنهم جاءوا بما هو أفظع من تعجبهم وهو التكذيب بالحق الذي هو النبوة الثابتة بالمعجزات في أول وهلة من غير تفكر ولا تدبر { فَهُمْ فِى أَمْرٍ مَّرِيجٍ } مضطرب. يقال: مرج الخاتم في الإصبع إذا اضطرب من سعته فيقولون تارة شاعر وطوراً ساحر ومرة كاهن لا يثبتون على شيء واحد. وقيل: الحق القرآن. وقيل: الإخبار بالبعث.

ثم دلهم على قدرته على البعث فقال { أَفَلَمْ يَنظُرُوآ } حين كفروا بالبعث { إِلَى ٱلسَّمَآءِ فَوْقَهُمْ } إلى آثار قدرة الله تعالى في خلق العالم { كَيْفَ بَنَيْنَـٰهَا } رفعناها بغير عمد { وَزَيَّنَّـٰهَا } بالنيرات { وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ } من فتوق وشقوق أي أنها سليمة من العيوب لا فتق فيها ولا صدع ولا خلل { وَٱلأَرْضَ مَدَدْنَـٰهَا } دحوناها { وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوٰسِيَ } جبالاً ثوابت لولا هي لمالت { وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ } صنف { بَهِيجٍ } يبتهج به لحسنه { تَبْصِرَةً وَذِكْرَىٰ } لنبصر به ونذكر { لِّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ } راجع إلى ربه مفكر في بدائع خلقه.

السابقالتالي
2 3