الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ ٱلأَنْفُسُ وَتَلَذُّ ٱلأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } * { وَتِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِيۤ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } * { لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِّنْهَا تَأْكُلُونَ } * { إِنَّ ٱلْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ } * { لاَ يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ } * { وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـٰكِن كَانُواْ هُمُ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَنَادَوْاْ يٰمَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَّاكِثُونَ } * { لَقَدْ جِئْنَاكُم بِٱلْحَقِّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ } * { أَمْ أَبْرَمُوۤاْ أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ } * { أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَىٰ وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ } * { قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْعَابِدِينَ } * { سُبْحَانَ رَبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ رَبِّ ٱلْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ } * { فَذَرْهُمْ يَخُوضُواْ وَيَلْعَبُواْ حَتَّىٰ يُلَـٰقُواْ يَوْمَهُمُ ٱلَّذِي يُوعَدُونَ } * { وَهُوَ ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمآءِ إِلَـٰهٌ وَفِي ٱلأَرْضِ إِلَـٰهٌ وَهُوَ ٱلْحَكِيمُ ٱلْعَلِيمُ } * { وَتَبَارَكَ ٱلَّذِي لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِندَهُ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } * { وَلاَ يَمْلِكُ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ ٱلشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَن شَهِدَ بِٱلْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } * { وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ } * { وَقِيلِهِ يٰرَبِّ إِنَّ هَـٰؤُلاَءِ قَوْمٌ لاَّ يُؤْمِنُونَ } * { فَٱصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلاَمٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ }

{ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَـٰفٍ } جمع صفحة { مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوٰبٍ } أي من ذهب أيضاً والكوب الكوز لا عروة له { وَفِيهَا } في الجنة { مَا تَشْتَهِيهِ ٱلأَنْفُسُ } مدني وشامي وحفص بإثبات الهاء العائدة إلى الموصول، وحذفها غيرهم لطول الموصول بالفعل والفاعل والمفعول. و { وَتَلَذُّ ٱلأَعْيُنُ } وهذا حصر لأنواع النعم لأنها إما مشتهيات في القلوب أو مستلذة في العيون { وَأَنتُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ وَتِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِى أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } { تِلْكَ } إشارة إلى الجنة المذكورة وهي مبتدأ و { ٱلْجَنَّة } خبر و { ٱلَّتِى أُورِثْتُمُوهَا } صفة الجنة، أو { ٱلْجَنَّة } صفة للمبتدأ الذي هو اسم الإشارة و { ٱلَّتِى أُورِثْتُمُوهَا } خبر المبتدأ، أو { ٱلَّتِى أُورِثْتُمُوهَا } صفة المبتدأ و { بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } الخبر، والباء تتعلق بمحذوف أي حاصلة أو كائنة كما في الظروف التي تقع أخباراً، وفي الوجه الأول تتعلق بـ { أُورِثْتُمُوهَا } وشبهت في بقائها على أهلها بالميراث الباقي على الورثة { لَكُمْ فِيهَا فَـٰكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِّنْهَا تَأْكُلُونَ } «من» للتبعيض أي لا تأكلون إلا بعضها وأعقابها باقية في شجرها فهي مزينة بالثمار أبداً، وفي الحديث «لا ينزع رجل في الجنة من ثمرها إلا نبت مكانها مثلاها».

{ إِنَّ ٱلْمُجْرِمِينَ فِى عَذَابِ جَهَنَّمَ خَـٰلِدُونَ } خبر بعد خبر { لاَ يُفَتَّرُ عَنْهُمْ } خبر آخر أي لا يخفف ولا ينقص { وَهُمْ فِيهِ } في العذاب { مُّبْلِسُونَ } آيسون من الفرج متحيرون { وَمَا ظَلَمْنَـٰهُمْ } بالعذاب { وَلَـٰكِن كَانُواْ هُمُ ٱلظَّـٰلِمِينَ } هم فصل { وَنَادَوْاْ يٰمَـٰلِكُ } لما آيسوا من فتور العذاب نادروا يا مالك وهو خازن النار. وقيل لابن عباس: إن ابن مسعود قرأ «يا مال» فقال: ما أشغل أهل النار عن الترخيم { لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ } ليمتنامن قضى عليه إذا أماتهفَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ } [القصص: 15] والمعنى سل ربك أن يقضي علينا { قَالَ إِنَّكُمْ مَّـٰكِثُونَ } لا بثون في العذاب لا تتخلصون عنه بموت ولا فتور { لَقَدْ جِئْنَـٰكُم بِٱلْحَقِّ } كلام الله تعالى. ويجب أن يكون في { قَالَ } ضمير الله لما سألوا مالكاً أن يسأل القضاء عليهم أجابهم الله بذلك. وقيل: هو متصل بكلام مالك والمراد بقوله جئناكم الملائكة إذ هم رسل الله وهو منهم { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَـٰرِهُونَ } لا تقبلونه وتنفرون منه لأن مع الباطل الدعة ومع الحق التعب.

{ أَمْ أَبْرَمُواْ أَمْراً } أم أحكم مشركو مكة أمراً من كيدهم ومكرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم { فَإِنَّا مُبْرِمُونَ } كيدنا كما أبرموا كيدهم وكانوا يتنادون فيتناجون في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في دار الندوة { أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ } حديث أنفسهم { وَنَجْوٰهُم } ما يتحدثون فيما ببينهم ويخفونه عن غيرهم { بَلَىٰ } نسمعها ونطلع عليها { وَرُسُلُنَا } أي الحفظة { لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ } عندهم يكتبون ذلك، وعن يحيـى بن معاذ: من ستر من الناس عيوبه وأبداها لمن لا تخفى عليه خافية فقد جعله أهون الناظرين إليه وهو من أمارات النفاق.

السابقالتالي
2 3