الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ ٱلنَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِٱلرَّحْمَـٰنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِّن فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ } * { وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً وَسُرُراً عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ } * { وَزُخْرُفاً وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ } * { وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ ٱلرَّحْمَـٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ } * { وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ } * { حَتَّىٰ إِذَا جَآءَنَا قَالَ يٰلَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ ٱلْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ ٱلْقَرِينُ } * { وَلَن يَنفَعَكُمُ ٱلْيَوْمَ إِذ ظَّلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي ٱلْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ } * { أَفَأَنتَ تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ أَوْ تَهْدِي ٱلْعُمْيَ وَمَن كَانَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ } * { أَوْ نُرِيَنَّكَ ٱلَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُّقْتَدِرُونَ } * { فَٱسْتَمْسِكْ بِٱلَّذِيۤ أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } * { وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ } * { وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَآ أَجَعَلْنَا مِن دُونِ ٱلرَّحْمَـٰنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ } * { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَـٰتِنَآ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلإِيْهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } * { فَلَمَّا جَآءَهُم بِآيَاتِنَآ إِذَا هُم مِّنْهَا يَضْحَكُونَ } * { وَمَا نُرِيِهِم مِّنْ آيَةٍ إِلاَّ هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُم بِٱلْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } * { وَقَالُواْ يَٰأَيُّهَ ٱلسَّاحِرُ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ } * { فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ ٱلْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ } * { وَنَادَىٰ فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يٰقَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَـٰذِهِ ٱلأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِيۤ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ }

{ وَلَوْلآ أَن يَكُونَ ٱلنَّاسُ أُمَّةً وٰحِدَةً } ولولا كراهة أن يجتمعوا على الكفر ويطبقوا عليه { لَّجَعَلْنَا } لحقارة الدنيا عندنا { لِمَن يَكْفُرُ بِٱلرَّحْمَـٰنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِّن فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوٰباً وَسُرُراً عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ وَزُخْرُفاً } أي لجعلنا للكفار سقوفاً ومصاعد وأبواباً وسرراً كلها من فضة، وجعلنا لهم زخرفاً أي زينة من كل شيء. والزخرف الذهب والزينة، ويجوز أن يكون الأصل سقفاً من فضة وزخرف أي بعضها من فضة وبعضها من ذهب فنصب عطفاً على محل { مِن فِضَّةٍ } لبيوتهم بدل اشتمال من { لِمَن يَكْفُرُ }. { سَقْفاً } على الجنس: مكي وأبو عمرو ويزيد. والمعارج جمع معرج وهي المصاعد إلى العلالي عليها يظهرون على المعارج يظهرون السطوح أي يعلونها { وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَـٰعُ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا } «إن» نافية و«لما» بمعنى إلا أي وما كل ذلك إلا متاع الحياة الدنيا، وقد قرىء به. وقرأ { لَمَا } غير عاصم وحمزة على أن اللام هي الفارقة بين «إن» المخففة والنافية و«ما» صلة أي وإن كل ذلك متاع الحياة الدينا { وَٱلآخِرَةِ } أي ثواب الآخرة { عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ } لمن يتقي الشرك.

{ وَمَن يَعْشُ } وقرىء { وَمَن يعش } والفرق بينهما أنه إذا حصلت الآفة في بصره قيل عشى يعشى، وإذا نظر نظر العشي ولا آفة به قيل عشا يعشو. ومعنى القراءة بالفتح ومن يعم { عَن ذِكْرِ ٱلرَّحْمَـٰنِ } وهو القرآن كقولهصُمٌّ بُكْمٌ عُمْىٌ } ومعنى القراءة بالضم: ومن يتعام عن ذكره أي يعرف أنه الحق وهو يتجاهل كقوله:وَجَحَدُواْ بِهَا وَٱسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ } [النمل: 14] { نُقَيّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ } قال ابن عباس رضي الله عنهما: نسلطه عليه فهو معه في الدنيا والآخرة يحمله على المعاصي. وفيه إشارة إلى أن من داوم عليه لم يقرنه الشيطان { وَإِنَّهُمْ } أي الشياطين { لَيَصُدُّونَهُمْ } ليمنعون العاشين { عَنِ ٱلسَّبِيلِ } عن سبيل الهدى { وَيَحْسَبُونَ } أي العاشون { أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ } وإنما جمع ضمير { من } وضمير الشيطان لأن { من } مبهم في جنس العاشي وقد قيض له شيطان مبهم في جنسه فجاز أن يرجع الضمير إليهما مجموعاً { حَتَّىٰ إِذَا جَآءَنَا } على الواحد: عراقي غير أبي بكر أي العاشي { جاآنا } غيرهم أي العاشي وقرينه { قَالَ } لشيطانه { يٰلَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ ٱلْمَشْرِقَيْنِ } يريد المشرق والمغرب فغلب كما قيل: العمران والقمران، والمراد بعد المشرق من المغرب والمغرب من المشرق { فَبِئْسَ ٱلْقَرِينُ } أنت.

{ وَلَن يَنفَعَكُمُ ٱلْيَوْمَ إِذ ظَّلَمْتُمْ } إذ صح ظلمكم أي كفركم وتبين ولم يبق لكم ولا لأحد شبهة في أنكم كنتم ظالمين و«إذ» بدل من { ٱلْيَوْمَ } { أَنَّكُمْ فِى ٱلْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ } { أَنَّكُمْ } في محل الرفع على الفاعلية أي ولن ينفعكم اشتراككم في العذاب، أو كونكم مشتركين في العذاب كما كان عموم البلوى يطيب القلب في الدنيا كقول الخنساء:

السابقالتالي
2 3