الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ حـمۤ } * { عۤسۤقۤ } * { كَذَلِكَ يُوحِيۤ إِلَيْكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكَ ٱللَّهُ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلعَظِيمُ } * { تَكَادُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ وَٱلْمَلاَئِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي ٱلأَرْضِ أَلاَ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } * { وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ ٱللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ } * { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّتُنذِرَ أُمَّ ٱلْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ ٱلْجَمْعِ لاَ رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي ٱلْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي ٱلسَّعِيرِ } * { وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـٰكِن يُدْخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحْمَتِهِ وَٱلظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِّن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ } * { أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ فَٱللَّهُ هُوَ ٱلْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِـي ٱلْمَوْتَىٰ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { وَمَا ٱخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى ٱللَّهِ ذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ } * { فَاطِرُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ ٱلأَنْعَامِ أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ }

فصل { حـم } من { عسق } كتابة مخالفاً لـ { كهيعص } تلفيقاً بأخواتها ولأنه آيتان وكهيعص } آية واحدة { كَذَلِكَ يُوحِى إِلَيْكَ } أي مثل ذلك الوحي أو مثل ذلك الكتاب يوحي إليك { وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكَ } وإلى الرسل من قبلك { ٱللَّهُ } يعني أن ما تضمنته هذه السورة من المعاني قد أوحى الله إليك مثله وفي غيرها من السور، وأوحاه إلى من قبلك يعني إلى رسله. والمعنى أن الله كرر هذه المعاني في القرآن وفي جميع الكتب السماوية لما فيها من التنبيه البليغ واللطف العظيم لعباده. وعن ابن عباس رضي الله عنهما: ليس من نبي صاحب كتاب إلا أوحي إليه بـ { حـم عسق }. { يُوحَى } بفتح الحاء: مكي. ورافع اسم الله على هذه القراءة ما دل عليه { يُوحَى } كأن قائلاً قال: من الموحي؟ فقيل: الله { ٱلْعَزِيزُ } الغالب بقهره { ٱلْحَكِيمُ } المصيب في فعله وقوله { لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } ملكاً وملكاً { وَهُوَ ٱلْعَلِىُّ } شأنه { ٱلْعَظِيمُ } برهانه.

{ تَكَادُ ٱلسَّمَـٰوٰتُ } وبالياء: نافع وعلي. { يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ } يتشققن، { ينفطرن }: بصري وأبو بكر ومعناه يكدن ينفطرن من علو شأن الله وعظمته يدل عليه مجيئه بعد قوله { ٱلْعَلِىُّ ٱلْعَظِيمُ } وقيل: من دعائهم له ولداً كقولهتَكَادُ ٱلسَّمَـٰوٰتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ } [مريم: 90] ومعنى { مِن فَوْقِهِنَّ } أي يبتدىء الانفطار من جهتهن الفوقانية. وكان القياس أن يقال ينفطرن من تحتهن من الجهة التي جاءت منها كلمة الكفر لأنها جاءت من الذين تحت السماوات، ولكنه بولغ في ذلك فجعلت مؤثرة في جهة الفوق كأنه قيل: يكدن ينفطرن من الجهة التي فوقهن مع الجهة التي تحتهن. وقيل: من فوقهن من فوق الأرض فالكناية راجعة إلى الأرض لأنه بمعنى الأرضين. وقيل: يتشققن لكثرة ما على السماوات من الملائكة، قال عليه السلام " أطت السماء أطاً وحق لها أن تئط، ما فيها موضع قدم إلا وعليه ملك قائم أو راكع أو ساجد " { وَٱلْمَلَـٰئِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ } خضوعاً لما يرون من عظمته { وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِى ٱلأَرْضِ } أي للمؤمنين منهم كقوله:وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ } [غافر: 7] خوفاً عليهم من سطواته أو يوحدون الله وينزهونه عما لا يجوز عليه من الصفات حامدين له على ما أولاهم من ألطافه، متعجبين مما رأوا من تعرضهم لسخط الله تعالى، ويستغفرون لمؤمني أهل الأرض الذين تبرءوا من تلك الكلمة، أو يطلبون إلى ربهم أن يحلم عن أهل الأرض ولا يعاجلهم بالعقاب { أَلاَ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } لهم { وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ } أي جعلوا له شركاء وأنداداً { ٱللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ } رقيب على أقوالهم وأعمالهم لا يفوته منها شيء فيجازيهم عليها { وَمَآ أَنتَ } يا محمد { عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ } بموكل عليهم ولا مفوض إليك أمرهم إنما أنت منذر فحسب.

السابقالتالي
2 3