الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ إِن يَشَأْ يُسْكِنِ ٱلرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَىٰ ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ } * { أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَن كَثِيرٍ } * { وَيَعْلَمَ ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيۤ آيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ } * { فَمَآ أُوتِيتُمْ مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ لِلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } * { وَٱلَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ ٱلإِثْمِ وَٱلْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُواْ هُمْ يَغْفِرُونَ } * { وَٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } * { وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَابَهُمُ ٱلْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ } * { وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى ٱللَّهِ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَلَمَنِ ٱنتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِّن سَبِيلٍ } * { إِنَّمَا ٱلسَّبِيلُ عَلَى ٱلَّذِينَ يَظْلِمُونَ ٱلنَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ } * { وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن وَلِيٍّ مِّن بَعْدِهِ وَتَرَى ٱلظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَىٰ مَرَدٍّ مِّن سَبِيلٍ } * { وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ ٱلذُّلِّ يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّ ٱلْخَاسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ أَلاَ إِنَّ ٱلظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ } * { وَمَا كَانَ لَهُم مِّنْ أَوْلِيَآءَ يَنصُرُونَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن سَبِيلٍ } * { ٱسْتَجِيبُواْ لِرَبِّكُمْ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ مَرَدَّ لَهُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَكُمْ مِّن مَّلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِّن نَّكِيرٍ } * { فَإِنْ أَعْرَضُواْ فَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ وَإِنَّآ إِذَآ أَذَقْنَا ٱلإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ ٱلإِنسَانَ كَفُورٌ } * { لِلَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ ٱلذُّكُورَ } * { أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ }

{ إِن يَشَأْ يُسْكِنِ ٱلرِّيحَ } { ٱلرّيَاحِ } مدني { فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ } ثوابت لا تجري { عَلَىٰ ظَهْرِهِ } على ظهر البحر { إِنَّ فِى ذٰلِكَ لآيَـٰتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ } على بلائه { شَكُورٍ } لنعمائه أي لكل مؤمن مخلص فالإيمان نصفان: نصف شكر ونصف صبر. أو صبار على طاعته شكور لنعمته { أَوْ يُوبِقْهُنَّ } يهلكهن فهو عطف على { يُسْكِنِ } والمعنى إن يشأ يسكن الريح فيركدن أو يعصفها فيغرقن بعصفها { بِمَا كَسَبُواْ } من الذنوب { وَيَعْفُ عَن كَثِيرٍ } منها فلا يجازي عليها. وإنما أدخل العفو في حكم الإيباق حيث جزم جزمه لأن المعنى أو إن يشأ يهلك ناساً وينج ناساً على طريق العفو عنهم { وَيَعْلَمَ } بالنصب عطف على تعليل محذوف تقديره لينتقم منهم ويعلم { ٱلَّذِينَ يُجَـٰدِلُونَ فِى ءَايَـٰتِنَا } أي في إبطالهما ودفعها، { وَيَعْلَمُ } مدني وشامي على الاستئناف { مَا لَهُم مِّن مَّحِيصٍ } مهرب من عذابه { فَمَآ أُوتِيتُمْ مِّن شَىْءٍ فَمَتَـٰعُ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَمَا عِندَ ٱللَّهِ } من الثواب { خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَلَىٰ رَبّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } «ما» الأولى ضمنت معنى الشرط فجاءت الفاء في جوابها بخلاف الثانية. نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه حين تصدق بجميع ماله فلامه الناس { وَٱلَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ } عطف على { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } وكذا ما بعده { كَبَـٰئِرَ ٱلإثْمِ } أي الكبائر من هذا الجنس، { كَبِيرَ ٱلإِثْمِ } علي وحمزة. وعن ابن عباس: كبير الإثم هو الشرك. { وَٱلْفَوٰحِشَ } قيل: ما عظم قبحه فهو فاحشة كالزنا { وَإِذَا مَا غَضِبُواْ } من أمور دنياهم { هُمْ يَغْفِرُونَ } أي هم الأخصاء بالغفران في حال الغضب والمجيء بهم. وإيقاعه مبتدأ وإسناد { يَغْفِرُونَ } إليه لهذه الفائدة ومثله { هُمْ يَنتَصِرُونَ }. { وَٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمْ } نزلت في الأنصار دعاهم الله عز وجل للإيمان به وطاعته فاستجابوا له بأن آمنوا به وأطاعوه { وَأَقَامُوا ٱلصَّلَٰوةَ } وأتموا الصلوات الخمس { وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ } أي ذو شورى لا ينفردون برأي حتى يجتمعوا عليه، وعن الحسن: ما تشاور قوم إلا هدوا لأرشد أمرهم، والشورى مصدر كالفتيا بمعنى التشاور { وَمِمَّا رَزَقْنَـٰهُمْ يُنفِقُونَ } يتصدقون.

{ وَٱلَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ ٱلْبَغْىُ } الظلم { هُمْ يَنتَصِرُونَ } ينتقمون ممن ظلمهم أي يقتصرون في الانتصار على ما جعله الله تعالى لهم ولا يعتدون، وكانوا يكرهون أن يذلوا أنفسهم فيجتريء عليهم الفساق. وإنما حمدوا على الانتصار لأن من انتصر وأخذ حقه ولم يجاوز في ذلك حد الله فلم يسرف في القتل إن كان ولي دم فهو مطيع لله وكل مطيع محمود. ثم بين حد الانتصار فقال { وَجَزَٰؤُا سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا } فالأولى سيئة حقيقة والثانية لا.

السابقالتالي
2 3