{ ذٰلِكَ } أي الفضل الكبير { ٱلَّذِى يُبَشِّرُ ٱللَّهُ } { يَبْشُر } مكي وأبو عمرو وحمزة وعلي { عِبَادَهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ } أي به عباده الذين آمنوا فحذف الجار كقوله{ وَٱخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُ } [الأعراف: 155] ثم حذف الراجع إلى الموصول كقوله{ أَهَـٰذَا ٱلَّذِى بَعَثَ ٱللَّهُ رَسُولاً } [الفرقان: 41]. ولما قال المشركون: أيبتغي محمد على تبليغ الرسالة أجراً نزل { قُل لاَّ أَسْـئَلُكُمْ عَلَيْهِ } على التبليغ { أَجْراً إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ فِى ٱلْقُرْبَىٰ } يجوز أن يكون استثناء متصلاً أي لا أسألكم عليه أجراً إلا هذا وهو أن تودوا أهل قرابتي، ويجوز أن يكون منقطعاً أي لا أسألكم عليه أجراً قط ولكني أسألكم أن تودوا قرابتي الذين هم قرابتكم ولا تؤذوهم. ولم يقل إلا مودة القربى أو المودة للقربى لأنهم جعلوا مكاناً للمودة ومقراً لها كقولك «لي في آل فلان مودة ولي فيهم حب شديد» تريد أحبهم وهم مكان حبي ومحله. وليست «في» بصلة لـ { ٱلْمَوَدَّةَ } كاللام إذا قلت إلا المودة للقربى، إنما هي متعلقة بمحذوف تعلق الظرف به في قولك «المال في الكيس» وتقديره إلا المودة ثابتة في القربى ومتمكنة فيها. والقربى مصدر كالزلفى والبشرى بمعنى القرابة، والمراد في أهل القربى. ورُوي أنه لما نزلت قيل: يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال: علي وفاطمة وابناهما. وقيل: معناه إلا أن تودوني لقرابتي فيكم ولا تؤذوني ولا تهيجوا علي إذ لم يكن من بطون قريش إلا بين رسول الله وبينهم قرابة. وقيل: القربى التقرب إلى الله تعالى أي إلا أن تحبوا الله ورسوله في تقربكم إليه بالطاعة والعمل الصالح { وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً } يكتسب طاعة. عن السدي: أنها المودة في آل رسول الله صلى الله عليه وسلم نزلت في أبي بكر رضي الله عنه ومودته فيهم والظاهر العموم في أي حسنة كانت إلا أنها تتناول المودة تناولاً أولياً لذكرها عقيب ذكر المودة في القربى. { نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً } أي نضاعفها كقوله{ مَّن ذَا ٱلَّذِى يُقْرِضُ ٱللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً } [البقرة: 245] وقرىء { حسنى } وهو مصدر كالبشرى والضمير يعود إلى الحسنة أو إلى الجنة { إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ } لمن أذنب بطوله { شَكُورٌ } لمن أطاع بفضله. وقيل: قابل للتوبة حامل عليها. وقيل: الشكور في صفة الله تعالى عبارة عن الاعتداد بالطاعة وتوفية ثوابها والتفضل على المثاب { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } «أم» منقطعة ومعنى الهمزة فيه التوبيخ كأنه قيل: أيتمالكون أن ينسبوا مثله إلى الافتراء ثم إلى الافتراء على الله الذي هو أعظم الفرى وأفحشها؟ { فَإِن يَشَإِ ٱللَّهُ يَخْتِمْ عَلَىٰ قَلْبِكَ } قال مجاهد: أي يربط على قلبك بالصبر على أذاهم وعلى قولهم { ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا } لئلا تدخله مشقة بتكذيبهم { وَيَمْحُ ٱللَّهُ ٱلْبَـٰطِلَ } أي الشرك وهو كلام مبتدأ غير معطوف على { يَخْتِمْ } لأن محو الباطل غير متعلق بالشرط بل هو وعد مطلق دليله تكرار اسم الله تعالى ورفع { وَيُحِقُّ } وإنما سقطت الواو في الخط كما سقطت في