الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ مَّن يَشْفَعْ شَفَٰعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَٰعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتاً } * { وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَآ أَوْ رُدُّوهَآ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً } * { ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ ٱللَّهِ حَدِيثاً } * { فَمَا لَكُمْ فِي ٱلْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَٱللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوۤاْ أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُواْ مَنْ أَضَلَّ ٱللَّهُ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً } * { وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَآءً فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَآءَ حَتَّىٰ يُهَاجِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْاْ فَخُذُوهُمْ وَٱقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً } * { إِلاَّ ٱلَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَٰقٌ أَوْ جَآءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَن يُقَٰتِلُوكُمْ أَوْ يُقَٰتِلُواْ قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَٰتَلُوكُمْ فَإِنِ ٱعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَٰتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْاْ إِلَيْكُمُ ٱلسَّلَمَ فَمَا جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً }

{ وَمَن يَشْفَعْ شَفَـٰعَةً حَسَنَةً } هي الشفاعة في دفع شر أو جلب نفع من جوازها شرعاً { يَكُنْ لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا } من ثواب الشفاعة { وَمَن يَشْفَعْ شَفَـٰعَةً سَيّئَةً } هي خلاف الشفاعة الحسنة. قال ابن عباس رضي الله عنهما: ما لها مفسر غيري معناه من أمر بالتوحيد وقاتل أهل الكفر وضده السيئة. وقال الحسن: هو المشي بالصلح وضده النميمة { يَكُنْ لَّهُ كِفْلٌ مَّنْهَا } نصيب { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلّ شَيْءٍ مُّقِيتاً } مقتدراً من أقات على الشيء اقتدر عليه، أو حفيظاً من القوت لأنه يمسك النفس ويحفظها.

{ وَإِذَا حُيّيتُم } أي سلم عليكم فإن التحية في ديننا بالسلام في الدارينفَسَلّمُواْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مّنْ عِندِ ٱللَّهِ } [النور: 61].تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَـٰمٌ } [الأحزاب: 44]. وكانت العرب تقول عند اللقاء: حياك الله أي أطال الله حياتك فأبدل ذلك بعد الإسلام بالسلام { بِتَحِيَّةٍ } هي تفعله من حيّا يحيّي تحية { فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا } أي قولوا: وعليكم السلام ورحمة الله إذا قال السلام عليكم. وزيدوا «وبركاته» إذا قال «ورحمة الله». ويقال لكل شيء منتهى ومنتهى السلام «وبركاته». { أَوْ رُدُّوهَا } أي أجيبوها بمثلها، ورد السلام جوابه بمثله لأن المجيب يرد قول المسلّم، وفيه حذف مضاف أي ردوا مثلها. والتسليم سنة والرد فريضة والأحسن فضل. وما من رجل يمر على قوم مسلمين فيسلم عليهم ولا يردون عليه إلا نزع عنهم روح القدس وردت عليه الملائكة. ولا يرد السلام في الخطبة وقراءة القرآن جهراً ورواية الحديث وعند مذاكرة العلم والأذان والإقامة. وعند أبي يوسف رحمه الله: لا يسلم على لاعب الشطرنج والنرد والمغني والقاعد لحاجته ومطير الحمام والعاري من غير عذر في حمام أو غيره. ويسلم الرجل إذا دخل على امرأته، والماشي على القاعد، والراكب على الماشي، وراكب الفرس على راكب الحمار، والصغير على الكبير، والأقل على الأكثر، وإذا التقيا ابتدرا. وقيل: «بأحسن منها» لأهل الملة «أو ردوها» لأهل الذمة. وعن النبي صلى الله عليه وسلم " إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم " أي وعليكم ما قلتم لأنهم كانوا يقولون «السام عليكم». وقوله عليه السلام " لاغرار في تسليم " أي لا يقال «عليك» بل «عليكم» لأن كاتبيه معه { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلّ شَيْءٍ حَسِيباً } أي يحاسبكم على كل شيء من التحية وغيرها.

{ ٱللَّهِ } مبتدأ { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } خبره أو اعتراض والخبر { لَيَجْمَعَنَّكُمْ } ومعناه: الله والله ليجمعنكم { إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ } أي ليحشرنكم إليه. والقيامة القيام كالطلابة والطلاب وهي قيامهم من القبور، أو قيامهم للحسابيَوْمَ يَقُومُ ٱلنَّاسُ لِرَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } [المطففين: 6] { لاَ رَيْبَ فِيهِ } هو حال من يوم القيامة والهاء يعود إلى اليوم، أو صفة لمصدر محذوف أي جمعاً لا ريب فيه، والهاء يعود إلى الجمع { وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ ٱللَّهِ حَدِيثاً } تمييز وهو استفهام بمعنى النفي أي لا أحد أصدق منه في إخباره ووعده ووعيده لاستحالة الكذب عليه لقبحه لكونه إخباراً عن الشيء بخلاف ما هو عليه.

السابقالتالي
2