الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ لَّيْسَ بِأَمَـٰنِيِّكُمْ وَلاۤ أَمَانِيِّ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوۤءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً } * { وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّٰلِحَٰتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً } * { وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَٰهِيمَ حَنِيفاً وَٱتَّخَذَ ٱللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً } * { وَللَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطاً } * { وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي ٱلنِّسَآءِ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فِي ٱلْكِتَٰبِ فِي يَتَٰمَى ٱلنِّسَآءِ ٱلَّٰتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ وَٱلْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ ٱلْوِلْدَٰنِ وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَٰمَىٰ بِٱلْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً } * { وَإِنِ ٱمْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَآ أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَٱلصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ ٱلأنْفُسُ ٱلشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً } * { وَلَن تَسْتَطِيعُوۤاْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ ٱلنِّسَآءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ ٱلْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَٱلْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً }

{ لَّيْسَ بِأَمَـٰنِيّكُمْ } ليس الأمر على شهواتكم وأمانيكم أيها المشركون أن تنفعكم الأصنام { وَلا أَمَانِيّ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ } ولا على شهوات اليهود والنصارى حيث قالوا:نَحْنُ أَبْنَاء ٱللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ } [المائدة: 18].لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلاَّ أَيَّامًا مَّعْدُودَةً } [البقرة: 80]. { مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ } أي من المشركين وأهل الكتاب بدليل قوله { وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً } وهذا وعيد للكفار لأنه قال بعده { وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّـٰلِحَـٰتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ } فقوله «وهو مؤمن» حال و «من» الأولى للتبعيض، والثانية لبيان الإبهام في «من يعمل»، وفيه إشارة إلى أن الأعمال ليست من الإيمان { فَأُوْلَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ } «يدخلون»: مكي وأبو عمرو وأبو بكر { وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً } قدر النقير وهو النقرة في ظهر النواة والراجع في { وَلاَ يُظْلَمُونَ } لعمال السوء وعمال الصالحات جميعاً. وجاز أن يكون ذكره عند أحد الفريقين دليلاً على ذكره عند الآخر. وقوله: { مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ }.وقوله:« وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّـٰلِحَـٰتَ». بعد ذكر تمني أهل الكتاب كقولهبلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته } وقوله:والذين آمنوا وعملوا الصالحات } عقيب قوله:وقالوا لن تمسنا النار إلا أياماً معدودة } { ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله } أخلص نفسه لله وجعلها سالمة له لا يعرف لها رباً ولا معبوداً سواء { وَهُوَ مُحْسِنٌ } عامل للحسنات { واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرٰهِيمَ حَنِيفاً } مائلاً عن الأديان الباطلة وهو حال من المتبع أو من إبراهيم { وَٱتَّخَذَ ٱللَّهُ إِبْرٰهِيمَ خَلِيلاً } هو في الأصل المخال وهو الذي يخالك أي يوافقك في خلالك، أو يداخلك خلال منزلك، أو يسد خللك كما يسد خلله، فالخلة صفاء مودة توجب الاختصاص بتخلل الأسرار، والمحبة أصفى لأنها من حبة القلب وهي جملة اعتراضية لا محل لها من الإعراب كقوله «والحوادث جمة». وفائدتها تأكيد وجوب اتباع ملته وطريقته لأن من بلغ من الزلفى عند الله أن اتخذه خليلاً كان جديراً بأن تتبع ملته وطريقته، ولو جعلتها معطوفة على الجمل قبلها ولم يكن لها معنى وفي الحديث " اتخذ الله إبراهيم خليلاً لإطعامه الطعام وإفشائه السلام وصلاته بالليل والناس نيام " وقيل: أوحي إليه إنما اتخذتك خليلاً لأنك تحب أن تعطي ولا تعطى. وفي رواية «لأنك تعطي الناس ولا تسألهم».

وفي قوله { وَللَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } دليل على أن اتخاذه خليلاً لاحتياج الخليل إليه لا لاحتياجه تعالى إليه لأنه منزه عن ذلك { وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلّ شَيْءً مُّحِيطاً } عالماً.

{ وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي ٱلنّسَاءِ } ويسألونك الإفتاء في النساء والإفتاء تبيين المبهم { قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فِي ٱلْكِتَـٰبِ فِي يَتَـٰمَى ٱلنّسَاءِ } أي الله يفتيكم والمتلو في الكتاب أي القرآن في معنى اليتامى يعني قوله:

السابقالتالي
2 3