{ فَأَصَـٰبَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُواْ } أي جزاء سيئات كسبهم، أو سمى جزاء السيئة سيئة للازدواج كقوله:{ وَجَزَاء سَيّئَةٍ سَيّئَةٌ مّثْلُهَا } [الشورى: 40]. { وَٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } كفروا { مِنْ هَـؤُلآءِ } أي من مشركي قومك { سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُواْ } أي سيصيبهم مثل ما أصاب أولئك، فقتل صناديدهم ببدر وحبس عنهم الرزق فقحطوا سبع سنين { وَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ } بفائتين من عذاب الله، ثم بسط لهم فمطروا سبع سنين فقيل لهم { أَوَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ } ويضيق. وقيل: يجعله على قدر القوت { إِنَّ فِى ذٰلِكَ لآيَـٰتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } بأنه لا قابض ولا باسط إلا الله عز وجل. { قُلْ يٰعِبَادِىَ ٱلَّذِينَ } وبسكون الياء: بصري وحمزة وعلي { أَسْرَفُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ } جنوا عليها بالإسراف في المعاصي والغلو فيها { لاَ تَقْنَطُواْ } لا تيأسوا، وبكسر النون: علي وبصري { مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعاً } بالعفو عنها إلا الشرك، وفي قراءة النبي عليه السلام يغفر الذنوب جميعاً ولا يبالي، ونظير نفي المبالاة نفي الخوف في قوله{ وَلاَ يَخَافُ عُقْبَـٰهَا } [الشمس: 16]. قيل: نزلت في وحشي قاتل حمزة رضي الله عنه، وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما أحب أن لي الدنيا وما فيها بهذه الآية " { إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ } بستر عظائم الذنوب { ٱلرَّحِيمُ } بكشف فظائع الكروب { وَأَنِـيبُواْ إِلَىٰ رَبِّكُمْ } وتوبوا إليه { وَأَسْلِمُواْ لَهُ } وأخلصوا له العمل { مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ ٱلْعَذَابُ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ } إن لم تتوبوا قبل نزول العقاب { وَٱتَّبِعُـواْ أَحْسَنَ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُـمْ } مثل قوله:{ ٱلَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقَوْلَ فَيَـتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ } وقوله { مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُـمُ ٱلْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ } أي يفجؤكم وأنتم غافلون كأنكم لا تخشون شيئاً لفرط غفلتكم. { أَن تَقُولَ } لئلا تقول { نَفْسٌ } إنما نكرت لأن المراد بها بعض الأنفس وهي نفس الكافر، ويجوز أن يراد نفس متميزة من الأنفس إما بلجاج في الكفر شديد أو بعذاب عظيم، ويجوز أن يراد التكثير { يٰحَسْرَتَىٰ } الألف بدل من ياء المتكلم، وقرىء: { يا حسرتي } على الأصل و { يا حسرتاي } على الجمع بين العوض والمعوض منه { عَلَىٰ مَا فَرَّطَتُ } قصرت و«ما» مصدرية مثلها في{ بِمَا رَحُبَتْ } [التوبة: 25] { فِى جَنبِ ٱللَّهِ } في أمر الله أو في طاعة الله أو في ذاته، وفي حرف عبد الله في ذكر الله والجنب الجانب يقال: أنا في جنب فلان وجانبه وناحيته، وفلان لين الجانب والجنب، ثم قالوا: فرط في جنبه وفي جانبه يريدون في حقه، وهذا من باب الكناية لأنك إذا أثبت الأمر في مكان الرجل وحيزه فقد أثبته فيه، ومنه الحديث: