الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱذْكُرْ عِبَادَنَآ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي ٱلأَيْدِي وَٱلأَبْصَارِ } * { إِنَّآ أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى ٱلدَّارِ } * { وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ ٱلْمُصْطَفَيْنَ ٱلأَخْيَارِ } * { وَٱذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَٱلْيَسَعَ وَذَا ٱلْكِفْلِ وَكُلٌّ مِّنَ ٱلأَخْيَارِ } * { هَـٰذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ } * { جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ ٱلأَبْوَابُ } * { مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ } * { وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ ٱلطَّرْفِ أَتْرَابٌ } * { هَـٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ ٱلْحِسَابِ } * { إِنَّ هَـٰذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ } * { هَـٰذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ } * { جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ } * { هَـٰذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ } * { وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ } * { هَـٰذَا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ لاَ مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُواْ ٱلنَّارِ } * { قَالُواْ بَلْ أَنتُمْ لاَ مَرْحَباً بِكُمْ أَنتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ ٱلْقَرَارُ } * { قَالُواْ رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هَـٰذَا فَزِدْهُ عَذَاباً ضِعْفاً فِي ٱلنَّارِ } * { وَقَالُواْ مَا لَنَا لاَ نَرَىٰ رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِّنَ ٱلأَشْرَارِ } * { أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيّاً أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ ٱلأَبْصَار } * { إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ ٱلنَّارِ } * { قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ مُنذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلاَّ ٱللَّهُ ٱلْوَاحِدُ ٱلْقَهَّارُ } * { رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ٱلْعَزِيزُ ٱلْغَفَّارُ } * { قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ } * { أَنتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ } * { مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِٱلْمَلإِ ٱلأَعْلَىٰ إِذْ يَخْتَصِمُونَ } * { إِن يُوحَىٰ إِلَيَّ إِلاَّ أَنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ }

{ وَٱذْكُرْ عِبَادَنَا } { عَبْدَنَا } مكي. { إِبْرٰهِيمَ وَإِسْحَـٰقَ وَيَعْقُوبَ } فمن جمع فـ { إِبْرَاهِيمَ } ومن بعده عطف بيان على { عِبَادِنَا } ومن وحد فـ { إبراهيم } وحده عطف بيان له، ثم عطف ذريته على { عَبْدَنَا } ولما كانت أكثر الأعمال تباشر بالأيدي غلبت فقيل في كل عمل هذا مما عملت أيديهم وإن كان عملاً لا تتأتى فيه المباشرة بالأيدي، أو كان العمال جذماً لا أيدي لهم وعلى هذا ورد قوله { أُوْلِى ٱلأَيْدِى وَٱلأَبْصَـٰرِ } أي أولي الأعمال الظاهرة والفكر الباطنة كأن الذين لا يعملون أعمال الآخرة ولا يجاهدون في الله ولا يتفكرون أفكار ذوي الديانات في حكم الزمني الذين لا يقدرون على إعمال جوارحهم والمسلوبي العقول الذين لا استبصار لهم، وفيه تعريض بكل من لم يكن من عمال الله ولا من المستبصرين في دين الله وتوبيخ على تركهم المجاهدة والتأمل مع كونهم متمكنين منهما { إِنَّا أَخْلَصْنٰهُمْ } جعلناهم لنا خالصين { بِخَالِصَةٍ } بخصلة خالصة لا شوب فيها. { ذِكْرَى ٱلدَّارِ } { ذِكْرِى } في محل النصب أو الرفع بإضمار «أعني»، أو «هي»، أو الجر على البدل من بـ { خَالِصَة } والمعنى إنا أخلصناهم بذكرى الدار، والدار هنا: الدار الآخرة يعني جعلناهم لنا خالصين بأن جعلناهم يذكرون الناس الدار الآخرة ويزهدونهم في الدنيا كما هو ديدن الأنبياء عليهم السلام، أو معناه أنهم يكثرون ذكر الآخرة والرجوع إلى الله وينسون ذكر الدنيا بخالصة ذكرى الدار، على الإضافة مدني ونافع وهي من إضافة الشيء إلى ما يبينه، لأن الخالصة تكون ذكرى وغير ذكرى. و { ذِكْرى } مصدر مضاف إلى المفعول أي بإخلاصهم ذكرى الدار. وقيل: خالصة بمعنى خلوص فهي مضافة إلى الفاعل أي بأن خلصت لهم ذكرى الدار على أنهم لا يشوبون ذكرى الدار بِهمٍ آخر، إنما همهم ذكرى الدار لا غير. وقيل: ذكرى الدار الثناء الجميل في الدنيا، وهذا شيء قد أخلصهم به فليس يذكر غيرهم في الدنيا بمثل ما يذكرون به يقويه قولهوَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيّاً } [مريم: 50] { وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ ٱلْمُصْطَفَيْنَ } المختارين من بين أبناء جنسهم { ٱلأَخْيَارِ } جمع خير أو خير على التخفيف كأموات في جمع ميت أو ميت.

{ وَٱذْكُرْ إِسْمَـٰعِيلَ وَٱلْيَسَعَ } كأن حرف التعريف دخل على «يسع» { وَذَا ٱلْكِفْلِ وَكُلٌّ } التنوين عوض عن المضاف إليه أي وكلهم { مِّنَ ٱلأَخْيَارِ هَـٰذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَـئَابٍ } أي هذا شرف وذكر جميل يذكرون به أبداً، وإن لهم مع ذلك لحسن مرجع يعني يذكرون في الدنيا بالجميل ويرجعون في الآخرة إلى مغفرة رب جليل. ثم بين كيفية حسن ذلك المرجع فقال { جَنَّـٰتِ عَدْنٍ } بدل من { حسن مـئاب } { مُّفَتَّحَةً } حال من { جَنَّـٰت } لأنها معرفة لإضافتها إلى { عَدْنٍ } وهو علم، والعامل فيها ما في { لّلْمُتَّقِينَ } من معنى الفعل { لَّهُمُ ٱلأَبْوَابُ } ارتفاع الأبواب بأنها فاعل { مُّفَتَّحَةً } والعائد محذوف أي مفتحة لهم الأبواب منها فحذف كما حذف في قوله

السابقالتالي
2 3 4