الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإِبْرَاهِيمَ } * { إِذْ جَآءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } * { إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ } * { أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ ٱللَّهِ تُرِيدُونَ } * { فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي ٱلنُّجُومِ } * { فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ } * { فَتَوَلَّوْاْ عَنْهُ مُدْبِرِينَ } * { فَرَاغَ إِلَىٰ آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلا تَأْكُلُونَ } * { مَا لَكُمْ لاَ تَنطِقُونَ } * { فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِٱلْيَمِينِ } * { فَأَقْبَلُوۤاْ إِلَيْهِ يَزِفُّونَ } * { قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ } * { وَٱللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ } * { قَالُواْ ٱبْنُواْ لَهُ بُنْيَاناً فَأَلْقُوهُ فِي ٱلْجَحِيمِ } * { فَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ ٱلأَسْفَلِينَ } * { وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ } * { رَبِّ هَبْ لِي مِنَ ٱلصَّالِحِينَ } * { فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلاَمٍ حَلِيمٍ } * { فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ ٱلسَّعْيَ قَالَ يٰبُنَيَّ إِنِّيۤ أَرَىٰ فِي ٱلْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَٱنظُرْ مَاذَا تَرَىٰ قَالَ يٰأَبَتِ ٱفْعَلْ مَا تُؤمَرُ سَتَجِدُنِيۤ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّابِرِينَ }

{ وَإِنَّ من شِيَعتِهِ لإبْراهِيمَ } أي من شيعة نوح أي ممن شايعه على أصول الدين أو شايعه على التصلب في دين الله ومصابرة المكذبين، وكان بين نوح وإبراهيم ألفان وستمائة وأربعون سنة وما كان بينهما إلا نبيان هود وصالح.

{ إِذْ جَآءَ رَبَّهُ } «إذ» تعلق بما في الشيعة من معنى المشايعة يعني وإن ممن شايعه على دينه وتقواه حين جاء ربه { بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } من الشرك أو من آفات القلوب لإبراهيم، أو بمحذوف وهو «اذكر». ومعنى المجيء بقلبه ربه أنه أخلص لله قلبه وعلم الله ذلك منه فضرب المجيء مثلاً لذلك { إِذْ } بدل من الأولى { قَالَ لأَِبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ أَئِفْكاً ءالِهَةً دُونَ ٱللَّهِ تُرِيدُونَ } { أئفكاً } مفعول له تقديره أتريدون آلهة من دون الله إفكاً؟ وإنما قدم المفعول به على الفعل للعناية، وقدم المفعول له على المفعول به لأنه كان الأهم عنده أن يكافحهم بأنهم على إفك وباطل في شركهم. ويجوز أن يكون { إِفْكاً } مفعولاً به أي أتريدون إفكاً؟ ثم فسر الإفك بقوله { آلِهَةً دُونَ ٱللَّهِ } على أنها إفك في نفسها، أو حالاً أي أتريدون آلهة من دون الله آفكين؟ { فَمَا ظَنُّكُم } أيّ شيء ظنكم { بِرَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } وأنتم تعبدون غيره؟ و «ما» رفع بالابتداء والخبر { ظنكم } أو فما ظنكم به ماذا يفعل بكم وكيف يعاقبكم وقد عبدتم غيره وعلمتم أنه المنعم على الحقيقة فكان حقيقاً بالعبادة؟ { فَنَظَرَ نَظْرَةً فِى ٱلنُّجُومِ } أي نظر في النجوم رامياً ببصره إلى السماء متفكراً في نفسه كيف يحتال، أو أراهم أنه ينظر في النجوم لاعتقادهم علم النجوم فأوهمهم أنه استدل بأمارة على أنه يسقم { فَقَالَ إِنِّى سَقِيمٌ } أي مشارف للسقم وهو الطاعون وكان أغلب الإسقام عليهم وكانوا يخافون العدوى ليتفرقوا عنه فهربوا منه إلى عيدهم وتركوه في بيت الأصنام ليس معه أحد، ففعل بالأصنام ما فعل. وقالوا: علم النجوم كان حقاً ثم نسخ الاشتغال بمعرفته. والكذب حرام إلا إذا عرّض، والذي قاله إبراهيم عليه السلام معراض من الكلام أي سأسقم، أو من الموت في عنقه سقيم ومنه المثل «كفى بالسلامة داء». ومات رجل فجأة فقالوا: مات وهو صحيح. فقال أعرابي: أصحيح مَن الموت في عنقه، أو أراد إني سقيم النفس لكفركم كما يقال أنا مريض القلب من كذا { فَتَوَلَّوْاْ } فأعرضوا { عَنْهُ مُدْبِرِينَ } أي مولين الأدبار.

{ فَرَاغَ إِلَىٰ ءَالِهَتِهِمْ } فمال إليهم سراً { فَقَالَ } استهزاء { أَلآ تَأْكُلُونَ } وكان عندها طعام { مَا لَكُمْ لاَ تَنطِقُونَ } والجمع بالواو والنون لما أنه خاطبها خطاب من يعقل { فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً } فأقبل عليهم مستخفياً كأنه قال فضربهم ضرباً لأن راغ عليهم بمعنى ضربهم أو فراغ عليهم يضربهم ضرباً أي ضارباً { بِٱلْيَمِينِ } أي ضرباً شديداً بالقوة لأن اليمين أقوى الجارحتين وأشدهما أو بالقوة والمتانة، أو بسبب الحلف الذي سبق منه وهو قوله

السابقالتالي
2 3