الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَ فِيهَا غَوْلٌ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ } * { وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ ٱلطَّرْفِ عِينٌ } * { كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ } * { فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ } * { قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ } * { يَقُولُ أَءِنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُصَدِّقِينَ } * { أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَءِنَّا لَمَدِينُونَ } * { قَالَ هَلْ أَنتُمْ مُّطَّلِعُونَ } * { فَٱطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَآءِ ٱلْجَحِيمِ } * { قَالَ تَٱللَّهِ إِن كِدتَّ لَتُرْدِينِ } * { وَلَوْلاَ نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ ٱلْمُحْضَرِينَ } * { أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ } * { إِلاَّ مَوْتَتَنَا ٱلأُولَىٰ وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } * { إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } * { لِمِثْلِ هَـٰذَا فَلْيَعْمَلِ ٱلْعَامِلُونَ } * { أَذَلِكَ خَيْرٌ نُّزُلاً أَمْ شَجَرَةُ ٱلزَّقُّومِ } * { إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ } * { إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِيۤ أَصْلِ ٱلْجَحِيمِ } * { طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ ٱلشَّيَاطِينِ } * { فَإِنَّهُمْ لآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا ٱلْبُطُونَ } * { ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ } * { ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لإِلَى ٱلْجَحِيمِ } * { إِنَّهُمْ أَلْفَوْاْ آبَآءَهُمْ ضَآلِّينَ } * { فَهُمْ عَلَىٰ آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ } * { وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ ٱلأَوَّلِينَ } * { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُّنذِرِينَ } * { فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُنذَرِينَ } * { إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ } * { وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ ٱلْمُجِيبُونَ } * { وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ ٱلْكَرْبِ ٱلْعَظِيمِ } * { وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ ٱلْبَاقِينَ } * { وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي ٱلآخِرِينَ } * { سَلاَمٌ عَلَىٰ نُوحٍ فِي ٱلْعَالَمِينَ } * { إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } * { إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { ثُمَّ أَغْرَقْنَا ٱلآخَرِينَ }

{ لاَ فِيهَا غَوْلٌ } أي لا تغتال عقولهم كخمور الدنيا وهو من غاله يغوله غولاً إذا أهلكه وأفسده { وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ } يسكرون من نزف الشارب إذا ذهب عقله ويقال للسكران نزيف ومنزوف، { يُنزِفُونَ } علي وحمزة أي لا يسكرون أو لا ينزِف شرابهم من أنزف الشارب إذا ذهب عقله أو شرابه { وَعِندَهُمْ قَـٰصِرٰتُ ٱلطَّرْفِ } قصرن أبصارهن على أزواجهن لا يمددن طرفاً إلى غيرهم { عِينٌ } جمع عيناء أي نجلاء واسعة العين { كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ } مصون شبههن ببيض النعام المكنون في الصفاء وبها تشبه العرب النساء وتسميهن بيضات الخدور. وعطف { فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ } يعني أهل الجنة. { عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ } عطف على { يُطَافُ عَلَيْهِمْ } والمعنى يشربون ويتحادثون على الشراب كعادة الشّرب قال:
وما بقيت من اللذات إلا   أحاديث الكرام على المدام
فيقبل بعضهم على بعض يتساءلون عما جرى لهم وعليهم في الدنيا إلا أنه جيء به ماضياً على ما عرف في أخباره. { قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّى كَانَ لِى قَرِينٌ يَقُولُ أَءِنَّكَ } بهمزتين: شامي وكوفي { لَمِنَ ٱلْمُصَدِّقِينَ } بيوم الدين { أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَـٰماً أَءِنَّا لَمَدِينُونَ } لمجزيون من الدين وهو الجزاء { قَالَ } ذلك القائل { هَلْ أَنتُمْ مُّطَّلِعُونَ } إلى النار لأريكم ذلك القرين قيل: إن في الجنة كوى ينظر أهلها منها إلى أهل النار. أو قال الله تعالى لأهل الجنة: هل أنتم مطلعون إلى النار فتعلموا أين منزلتكم من منزلة أهل النار { فَأَطَّلَعَ } المسلم { فَرَءَاهُ } أي قرينة { فِى سَوَآءِ ٱلْجَحِيمِ } في وسطها { قَالَ تَٱللَّهِ إِن كِدتَّ لَتُرْدِينِ } «إن» مخففة من الثقيلة وهي تدخل على «كاد» كما تدخل على «كان»، واللام هي الفارقة بينها وبين النافية والإرداء الإهلاك. وبالياء في الحالين: يعقوب { وَلَوْلاَ نِعْمَةُ رَبِّى } وهي العصمة والتوفيق في الاستمساك بعروة الإسلام { لَكُنتُ مِنَ ٱلْمُحْضَرِينَ } من الذين أحضروا العذاب كما أحضرته أنت وأمثالك { أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ إِلاَّ مَوْتَتَنَا ٱلأُولَىٰ وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } الفاء للعطف على محذوف تقديره أنحن مخلدون منعمون فما نحن بميتين ولا معذبين، والمعنى أن هذه حال المؤمنين وهو أن لا يذوقوا إلا الموتة الأولى بخلاف الكفار فإنهم فيما يتمنون فيه الموت كل ساعة. وقيل لحكيم: ما شر من الموت؟ قال: الذي يتمنى فيه الموت. وهذا قول يقوله المؤمن تحدثاً بنعمة الله يسمع من قرينه ليكون توبيخاً له وزيادة تعذيب. و { موتتنا } نصب على المصدر والاستثناء متصل تقديره ولا نموت إلا مرة، أو منقطع وتقديره لكن الموتة الأولى قد كانت في الدنيا. ثم قال لقرينه تقريعاً له { إِنَّ هَٰذَا } أي الأمر الذي نحن فيه { لَهُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ }.

السابقالتالي
2 3