الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَ ٱلشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَآ أَن تدْرِكَ ٱلقَمَرَ وَلاَ ٱلَّيلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } * { وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ } * { وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ } * { وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلاَ صَرِيخَ لَهُمْ وَلاَ هُمْ يُنقَذُونَ } * { إِلاَّ رَحْمَةً مِّنَّا وَمَتَاعاً إِلَىٰ حِينٍ } * { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّقُواْ مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } * { وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ } * { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱلله قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَآءُ ٱللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ } * { فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلاَ إِلَىٰ أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ } * { وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ ٱلأَجْدَاثِ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ } * { قَالُواْ يٰوَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ وَصَدَقَ ٱلْمُرْسَلُونَ } * { إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ } * { فَٱلْيَوْمَ لاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلاَ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } * { إِنَّ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ ٱليَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ } * { هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلاَلٍ عَلَى ٱلأَرَآئِكِ مُتَّكِئُونَ } * { لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَّا يَدَّعُونَ }

{ لاَ ٱلشَّمْسُ يَنبَغِى لَهَا } أي لا يتسهل لها ولا يصح ولا يستقيم { أَن تدْرِكَ ٱلقَمَرَ } فتجتمع معه في وقت واحد وتداخله في سلطانه فتطمس نوره لأن لكل واحد من النيرين سلطاناً على حياله، فسلطان الشمس بالنهار وسلطان القمر بالليل { وَلاَ ٱلَّيْلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِ } ولا يسبق الليل النهار أي آية الليل آية النهار وهما النيران، ولا يزال الأمر على هذا الترتيب إلى أن تقوم القيامة فيجمع الله بين الشمس والقمر وتطلع الشمس من مغربها { وَكُلٌّ } التنوين فيه عوض من المضاف إليه أي وكلهم والضمير للشموس والأقمار { فِى فَلَكٍ يَسْبَحُونَ }.يسيرون

{ وَءَايَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ } { ذرياتهم } مدني وشامي { فِى ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ } أي المملوء. والمراد بالذرية الأولاد ومن يهمهم حمله وكانوا يبعثونهم إلى التجارات في بر أو بحر، أو الآباء لأنها من الأضداد. والفلك على هذا سفينة نوح عليه السلام. وقيل: معنى حمل الله ذرياتهم فيها أنه حمل فيها آباءهم الأقدمين وفي أصلابهم هم وذرياتهم. وإنما ذكر ذرياتهم دونهم لأنه أبلغ في الامتنان عليهم { وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِّن مِّثْلِهِ } من مثل الفلك { مَا يَرْكَبُونَ } من الإبل وهي سفائن البر { وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ } في البحر { فَلا صَرِيْخَ لَهُمْ } فلا مغيث أو فلا إغاثة { وَلاَ هُمْ يُنقَذُونَ } لا ينجون { إِلاَّ رَحْمَةً مِّنَّا وَمَتَاعاً إِلَىٰ حِينٍ } أي ولا ينقذون إلا لرحمة منا ولتمتيع بالحياة إلى انقضاء الأجل، فهما منصوبان على المفعول له.

{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّقُواْ مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ } أي ما تقدم من ذنوبكم وما تأخر مما أنتم تعملون من بعد أو من مثل الوقائع التي ابتليت بها الأمم المكذبة بأنبيائها، وما خلفكم من أمر الساعة أو فتنة الدنيا وعقوبة الآخرة { لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } لتكونوا على رجاء رحمة الله. وجواب «إذا» مضمر أي أعرضوا، وجاز حذفه لأن قوله { وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ ءَايَةٍ مِّنْ ءَايَـٰتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ } يدل عليه. و «من» الأولى لتأكيد النفي والثانية للتبعيض أي ودأبهم الإعراض عند كل آية وموعظة { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ } لمشركي مكة { أَنفِقُواْ مِمَّا رِزَقَكُمُ ٱلله } أي تصدقوا على الفقراء { قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَآءُ ٱللَّهُ أَطْعَمَهُ } عن ابن عباس رضي الله عنهما: كان بمكة زنادقة فإذا أمروا بالصدقة على المساكين قالوا: لا والله أيفقره الله ونطعمه نحن: { إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِى ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ } قول الله لهم أو حكاية قول المؤمنين لهم أو هو من جملة جوابهم للمؤمنين.

{ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ } أي وعد البعث والقيامة { إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } فيما تقولون خطاب للنبي وأصحابه { مَا يَنظُرُونَ } ينتظرون { إِلاَّ صَيْحَةً وٰحِدَةً } هي النفخة الأولى { تَأُخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ } حمزة بسكون الخاء وتخفيف الصاد من خصمه إذا غلبه في الخصومة، وشدد الباقون الصاد أي { يَخِصّمُونَ } بإدغام التاء في الصاد، لكنه مع فتح الخاء: مكي بنقل حركة التاء المدغمة إليها، وبسكون الخاء: مدني، وبكسر الياء والخاء: يحيـى فأتبع الياء الخاء في الكسر، وبفتح الياء وكسر الخاء: غيرهم.

السابقالتالي
2