الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّن أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } * { قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِٱلْحَقِّ عَلاَّمُ ٱلْغُيُوبِ } * { قُلْ جَآءَ ٱلْحَقُّ وَمَا يُبْدِىءُ ٱلْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ } * { قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَآ أَضِلُّ عَلَىٰ نَفْسِي وَإِنِ ٱهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ } * { وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ فَزِعُواْ فَلاَ فَوْتَ وَأُخِذُواْ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ } * { وَقَالُوۤاْ آمَنَّا بِهِ وَأَنَّىٰ لَهُمُ ٱلتَّنَاوُشُ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ } * { وَقَدْ كَـفَرُواْ بِهِ مِن قَـبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِٱلْغَيْبِ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ } * { وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِم مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُواْ فِي شَكٍّ مُّرِيبٍ }

{ قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مّن أَجْرٍ } على إنذاري وتبليغي الرسالة { فَهُوَ لَكُمْ } جزاء الشرط تقديره أي شيء سألتكم من أجر كقوله:مَّا يَفْتَحِ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ } [فاطر: 2] ومعناه نفي مسألة الأجر رأساً نحو مالي في هذا فهو لك أي ليس فيه شيء { إِنْ أَجْرِىَ } مدني وشامي وأبو بكر وحفص، وبسكون الياء: غيرهم { إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ وَهُوَ عَلَىٰ كُلّ شَىْء شَهِيدٍ } فيعلم أني لا أطلب الأجر على نصحيتكم ودعائكم إليه إلا منه.

{ قُلْ إِنَّ رَبّى يَقْذِفُ بِٱلْحَقّ } بالوحي. والقذف توجيه السهم ونحوه بدفع واعتماد ويستعار لمعنى الإلقاء ومنهوَقَذَفَ فِى قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعْبَ } [الأحزاب: 26]أَنِ ٱقْذِفِيهِ فِى ٱلتَّابُوتِ } [طه: 39] ومعنى يقذف بالحق يلقيه وينزله إلى أنبيائه أو يرمي به الباطل فيدمغه ويزهقه { عَلَّـٰمُ ٱلْغُيُوبِ } مرفوع على البدل من الضمير في { يَقْذِفُ } أو على أنه خبر مبتدأ محذوف { قُلْ جَاء ٱلْحَقُّ } الإسلام والقرآن { وَمَا يُبْدِىء ٱلْبَـٰطِلُ وَمَا يُعِيدُ } أي زال الباطل وهلك لأن الإبداء والإعادة من صفات الحي فعدمهما عبارة عن الهلاك، والمعنى جاء الحق وزهق الباطل كقولهجَاء ٱلْحَقُّ وَزَهَقَ ٱلْبَـٰطِلُ } [الإسراء: 81] وعن ابن مسعود رضي الله عنه: دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة وحول الكعبة أصنام فجعل يطعنها بعود معه ويقول " جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً، جاء الحق وما يبدىء الباطل وما يعيد " وقيل: الباطل الأصنام. وقيل: إبليس لأنه صاحب الباطل أو لأنه هالك كما قيل له الشيطان من شاط إذا هلك أي لا يخلق الشيطان ولا الصنم أحداً ولا يبعثه فالمنشيء والباعث هو الله. ولما قالوا: قد ضللت بترك دين آبائك قال الله تعالى { قُلْ إِن ضَلَلْتُ } عن الحق { فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَىٰ نَفْسِى } إن ضللت فمني وعليّ { وَإِنِ ٱهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِى إِلَىَّ رَبّى } أي فتبسديده بالوحي إلي. وكان قياس التقابل أن يقال وإن اهتديت فإنما أهتدي لها كقوله:فَـمَنِ ٱهْتَـدَىٰ فَلِنَفْسِهِ وَمَن ضَـلَّ فَإنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا } [الزمر:41]. ولكن هما متقابلان معنى، لأن النفس كل ما عليها وضار لها فهو بها وبسببها لأنها الأمارة بالسوء، وما لها مما ينفعها فبهداية ربها وتوفيقه، وهذا حكم عام لكل مكلف، وإنما أمر رسوله أن يسنده إلى نفسه لأن الرسول إذا دخل تحته مع جلالة محله وسداد طريقته كان غيره أولى به { إِنَّهُ سَمِيعٌ } لما أقوله لكم { قَرِيبٌ } مني ومنكم يجازيني ويجازيكم.

{ وَلَوْ تَرَى } جوابه محذوف أي لرأيت أمراً عظيماً وحالاً هائلة { إِذْ فَزِعُواْ } عند البعث أو عند الموت أو يوم بدر { فَلاَ فَوْتَ } فلا مهرب أو فلا يفوتون الله ولا يسبونه { وَأُخِذُواْ } عطف على { فَزِعُواْ } أي فزعوا وأخذوا فلا فوت لهم أو على لا فوت على معنى إذ فزعوا فلم يفوتوا وأخذوا { مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ } من الموقف إلى النار إذا بعثوا أو من ظهر الأرض إلى بطنها إذا ماتوا أو من صحراء بدر إلى القليب { وَقَالُواْ } حين عاينوا العذاب { آمَنَّا بِهِ } بمحمد عليه السلام لمرور ذكره في قوله

السابقالتالي
2