الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَٱتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقاً مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِٱلآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفُيظٌ } * { قُلِ ٱدْعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ لاَ يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِّن ظَهِيرٍ } * { وَلاَ تَنفَعُ ٱلشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّىٰ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُواْ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُواْ ٱلْحَقَّ وَهُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلْكَبِيرُ } * { قُلْ مَن يَرْزُقُكُمْ مِّنَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ قُلِ ٱللَّهُ وَإِنَّآ أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { قُل لاَّ تُسْأَلُونَ عَمَّآ أَجْرَمْنَا وَلاَ نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ } * { قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِٱلْحَقِّ وَهُوَ ٱلْفَتَّاحُ ٱلْعَلِيمُ } * { قُلْ أَرُونِيَ ٱلَّذيِنَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَآءَ كَلاَّ بَلْ هُوَ ٱللَّهُ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحْكِيمُ } * { وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَآفَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }

{ وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ } بالتشديد: كوفي أي حقق عليهم ظنه أو وجده صادقاً، وبالتخفيف: غيرهم أي صدق في ظنه { فَٱتَّبَعُوهُ } الضمير في { عَلَيْهِمْ } و { ٱتَّبَعُوهُ } لأهل سبإ أو لبني آدم. وقلل المؤمنين بقوله { إِلاَّ فَرِيقاً مّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } لقلتهم بالإضافة إلى الكفاروَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَـٰكِرِينَ } [الأعراف: 17] { وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ } لإبليس على الذين صار ظنه فيهم صدقاً { مِنْ سُلْطَـٰنٍ } من تسليط واستيلاء بالوسوسة { إِلاَّ لِنَعْلَمَ } موجوداً ما علمناه معدوماً والتغير على المعلوم لا على العلم { مَن يُؤْمِنُ بِٱلآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِى شَكّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلّ شَىْء حَفُيظٌ } محافظ عليه وفعيل ومفاعل متآخيان { قُلْ } لمشركي قومك { ٱدْعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ مّن دُونِ ٱللَّهِ } أي زعمتموهم آلهة من دون الله، فالمفعول الأول الضمير الراجع إلى الموصول وحذف كما حذف في قولهأَهَـٰذَا ٱلَّذِى بَعَثَ ٱللَّهُ رَسُولاً } [الفرقان: 41] استخفافاً لطول الموصول بصلته. والمفعول الثاني آلهة وحذف لأنه موصوف صفته { مِن دُونِ ٱللَّهِ } والموصوف يجوز حذفه وإقامة الصفة مقامه إذا كان مفهوماً، فإذاً مفعولا زعم محذوفان بسببين مختلفين، والمعنى ادعوا الذين عبدتموهم من دون الله من الأصنام والملائكة وسميتموهم باسمه والتجئوا إليهم فيما يعروكم كما تلتجئون إليه وانتظروا استجابتهم لدعائكم كما تنتظرون استجابته، ثم أجاب عنهم بقوله { لاَ يَمْلِكُونَ مِثُقَالَ ذَرَّةٍ } من خير أو شر أو نفع أو ضر { فِى ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَلاَ فِى ٱلأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ } وما لهم في هذين الجنسين من شركة في الخلق ولا في الملك { وَمَا لَهُ } تعالى { مِنْهُمْ } من آلهتهم { مّن ظَهِيرٍ } من عوين يعينه على تدبير خلقه يريد أنهم على هذه الصفة من العجز فكيف يصح أن يدعوا كما يدعي ويرجوا كما يرجى.

{ وَلاَ تَنفَعُ ٱلشَّفَـٰعَةُ عِندَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ } أي أذن له الله يعني إلا من وقع الإذن للشفيع لأجله وهي اللام الثانية في قولك «أذن لزيد لعمرو» أي لأجله، وهذا تكذيب لقولهمهَـؤُلاء شُفَعَـٰؤُنَا عِندَ ٱللَّهِ } { أَذِنَ لَهُ } كوفي غير عاصم إلا الأعشى { حَتَّىٰ إِذَا فُزّعَ عَن قُلُوبِهِمْ } أي كشف الفزع عن قلوب الشافعين والمشفوع لهم بكلمة يتكلم بها رب العزة في إطلاق الإذن و { فَزّعَ } شامي أي الله تعالى، والتفزيع إزالة الفزع و { حَتَّىٰ } غاية لما فهم من أن ثم انتظاراً للإذن وتوقفاً وفزعاً من الراجين للشفاعة والشفعاء هل يؤذن لهم أو لا يؤذن لهم كأنه قيل: يتربصون ويتوقعون ملياً فزعين حتى إذا فزع عن قلوبهم { قَالُواْ } سأل بعضهم بعضاً { مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُواْ } قال { ٱلْحَقّ } أي القول الحق وهو الإذن بالشفاعة لمن ارتضى.

السابقالتالي
2