الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ مَّلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوۤاْ أُخِذُواْ وَقُتِّلُواْ تَقْتِيلاً } * { سُنَّةَ ٱللَّهِ فِي ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً } * { يَسْأَلُكَ ٱلنَّاسُ عَنِ ٱلسَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ ٱللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً } * { إِنَّ ٱللَّهَ لَعَنَ ٱلْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً } * { خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً لاَّ يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً } * { يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي ٱلنَّارِ يَقُولُونَ يٰلَيْتَنَآ أَطَعْنَا ٱللَّهَ وَأَطَعْنَا ٱلرَّسُولاَ } * { وَقَالُواْ رَبَّنَآ إِنَّآ أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَآءَنَا فَأَضَلُّونَا ٱلسَّبِيلاْ } * { رَبَّنَآ آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ ٱلْعَذَابِ وَٱلْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ آذَوْاْ مُوسَىٰ فَبرَّأَهُ ٱللَّهُ مِمَّا قَالُواْ وَكَانَ عِندَ ٱللَّهِ وَجِيهاً } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً } * { يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً } * { إِنَّا عَرَضْنَا ٱلأَمَانَةَ عَلَى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱلْجِبَالِ فَأبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا ٱلإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً } * { لِّيُعَذِّبَ ٱللَّهُ ٱلْمُنَافِقِينَ وَٱلْمُنَافِقَاتِ وَٱلْمُشْرِكِينَ وَٱلْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ ٱللَّهُ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }

{ مَّلْعُونِينَ } نصب على الشتم أو الحال أي لا يجاورنك إلا ملعونين، فالاستثناء دخل على الظرف والحال معاً كما مر ولا ينتصب عن { أُخِذُواْ } لأن ما بعد حروف الشرط لا يعمل فيما قبلها { أَيْنَمَا ثُقِفُواْ } وجدوا { أُخِذُواْ وَقُتّلُواْ تَقْتِيلاً } والتشديد يدل على التكثير { سُنَّةَ ٱللَّهِ } في موضع مصدر مؤكد أي سن الله في الذين ينافقون الأنبياء أن يقتلوا أينما وجدوا { فِى ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ } مضوا { مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً } أي لا يبدل الله سنته بل يجريها مجرى واحداً في الأمم.

{ يَسْـئَلُكَ ٱلنَّاسُ عَنِ ٱلسَّاعَةِ } كان المشركون يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وقت قيام الساعة استعجالاً على سبيل الهزء، واليهود يسألونه امتحاناً لأن الله تعالى عمى وقتها في التوراة وفي كل كتاب، فأمر رسوله بأن يجيبهم بأنه علم قد استأثر الله به، ثم بين لرسوله أنها قريبة الوقوع تهديداً للمستعجلين وإسكاناً للممتحنين بقوله { قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ ٱللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً } شيئاً قريباً أو لأن الساعة في معنى الزمان { إِنَّ ٱللَّهَ لَعَنَ ٱلْكَـٰفِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً } ناراً شديدة الاتقاد { خَـٰلِدِينَ فِيهَا أَبَداً } هذا يرد مذهب الجهمية لأنهم يزعمون أن الجنة والنار تفنيان. ولا وقف على { سَعِيراً } لأن قوله { خَـٰلِدِينَ فِيهَا } حال عن الضمير في { لَهُمْ }. { لاَّ يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً } ناصراً يمنعهم. اذكر { يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِى ٱلنَّارِ } تصرّف في الجهات كما ترى البضعة تدور في القدر إذا غلت، وخصصت الوجوه لأن الوجه أكرم موضع على الإنسان من جسده أو يكون الوجه عبارة عن الجملة { يَقُولُونَ } حال { يٰلَيْتَنَا أَطَعْنَا ٱللَّهَ وَأَطَعْنَا ٱلرَّسُولاَ } فنتخلص من هذا العذاب فتمنوا حين لا ينفعهم التمني { وَقَالُواْ رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا } جمع سيد. { ساداتنا } شامي وسهل ويعقوب جمع الجمع، والمراد رؤساء الكفرة الذين لقنوهم الكفر وزينوه لهم { وَكُبَرَاءنَا } ذوي الأسنان منا أو علماءنا { فَأَضَلُّونَا ٱلسَّبِيلاْ } يقال: ضل السبيل وأضله إياه، وزيادة الألف لإطلاق الصوت جعلت فواصل الآي كقوافي الشعر، وفائدتها الوقف والدلالة على أن الكلام قد انقطع وأن ما بعده مستأنف { رَبَّنَا ءاتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ ٱلْعَذَابِ } للضلال والإضلال { وَٱلْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً } بالباء عاصم ليدل على أشد اللعن وأعظمه، وغيره بالثاء تكثيراً لأعداد اللعائن.

ونزل في شأن زيد وزينب وما سمع فيه من قاله بعض الناس { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ ءاذَوْاْ مُوسَىٰ فَبرَّأَهُ ٱللَّهُ مِمَّا قَالُواْ } «ما» مصدرية أو موصولة، وأيهما كان فالمراد البراءة عن مضمون القول ومؤاده وهو الأمر المعيب.

السابقالتالي
2 3