الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ يَٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ ٱتَّقِ ٱللَّهَ وَلاَ تُطِعِ ٱلْكَافِرِينَ وَٱلْمُنَافِقِينَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً } * { وَٱتَّبِعْ مَا يُوحَىٰ إِلَـيْكَ مِن رَبِّكَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً } * { وَتَوَكَّلْ عَلَىٰ ٱللَّهِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلاً } * { مَّا جَعَلَ ٱللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ ٱللاَّئِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَآءَكُمْ أَبْنَآءَكُمْ ذَٰلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَٱللَّهُ يَقُولُ ٱلْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي ٱلسَّبِيلَ } * { ٱدْعُوهُمْ لآبَآئِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ ٱللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوۤاْ آبَاءَهُمْ فَإِخوَانُكُمْ فِي ٱلدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَآ أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَـٰكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } * { ٱلنَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُواْ ٱلأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ ٱللَّهِ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُهَاجِرِينَ إِلاَّ أَن تَفْعَلُوۤاْ إِلَىٰ أَوْلِيَآئِكُمْ مَّعْرُوفاً كَانَ ذَلِكَ فِي ٱلْكِتَابِ مَسْطُوراً } * { وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ ٱلنَّبِيِّيْنَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَى ٱبْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِّيثَاقاً غَلِيظاً } * { لِّيَسْأَلَ ٱلصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً أَلِيماً }

مدنية وهي ثلاث وسبعون آية

بسم الله الرحمن الرحيم

قال أبيّ بن كعب رضي الله عنه لزرّ: كم تعدون سورة الأحزاب؟ قال: ثلاثاً وسبعين. قال: فوالذي يحلف به أبيّ إن كانت لتعدل سورة البقرة أو أطول ولقد قرأنا منها آية الرجم «الشيخ والشيخة إذا زينا فارجموهما ألبتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم». أراد أبيّ أن ذلك من جملة ما نسخ من القرآن. وأما ما يحكى أن تلك الزيادة كانت في صحيفة في بيت عائشة رضي الله عنها فأكلتها الداجن فمن تأليفات الملاحدة والروافض.

{ يا أيّها النّبيّ } وبالهمز: نافع أي يا أيها المخبر عنا المأمون على أسرارنا المبلغ خطابنا إلى أحبابنا. وإنما لم يقل «يا محمد» كما قال { يا آدم } { يا موسى } تشريفاً له وتنويهاً بفضله، وتصريحه باسمه في قولهمحمد رسول الله } [الفتح: 29] ونحوه لتعليم الناس بأنه رسول الله { اتّق الله } اثبت على تقوى الله ودم عليه وازدد منه فهو باب لا يدرك مداه { ولا تطع الكافرين والمنافقين } ولا تساعدهم على شيء واحترس منهم فإنهم أعداء الله والمؤمنين. وروي أن أبا سفيان وعكرمة بن أبي جهل وأبا الأعور السلمي قدموا المدينة بعد قتال أحد فنزلوا على عبد الله بن أبيّ وأعطاهم النبي الأمان على أن يكلموه فقالوا: ارفض ذكر آلهتنا وقل إنها تنفع وتشفع، ووازرهم المنافقون على ذلك فهمّ المسلمون بقتلهم فنزلت. أي اتق الله في نقض العهد ولا تطع الكافرين من أهل مكة والمنافقين من أهل المدينة فيما طلبوا { إنّ الله كان عليماً } بخبث أعمالهم { حكيماً } في تأخير الأمر بقتالهم.

{ واتّبع ما يوحى إليك من رّبّك } في الثبات على التقوى وترك طاعة الكافرين والمنافقين { إنّ الله } الذي يوحي إليك { كان بما تعملون خبيراً } أي لم يزل عالماً بأعمالهم وأعمالكم. وقيل: إنما جمع لأن المراد بقوله { اتبع } هو وأصحابه، وبالياء: أبو عمر وأي بما يعمل الكافرون والمنافقون من كيدهم لكم ومكرهم بكم { وتوكّل على الله } أسند أمرك إليه وكله إلى تدبيره { وكفى بالله وكيلاً } حافظاً موكولاً إليه كل أمر، وقال الزجاج: لفظه وإن كان لفظ الخبر فالمعنى اكتف بالله وكيلاً.

{ مّا جعل الله لرجلٍ مّن قلبين في جوفه وما جعل أزواجكم الّـٰىء تظاهرون منهنّ أمهاتكم وما جعل أدعياءكم أبناءكم } أي ما جمع الله قلبين في جوف، ولا زوجية وأمومة في امرأة، ولا بنوة ودعوة في رجل. والمعنى أنه تعالى كما لم يجعل لإنسان قلبين لأنه لا يخلو إما أن يفعل بأحدهما مثل ما يفعل بالآخر فعلاً من أفعال القلوب فأحدهما فضلة غير محتاج إليه، وإما أن يفعل بهذا غير ما يفعل بذاك فذلك يؤدي إلى اتصاف الجملة بكونه مريداً كارهاً عالماً ظاناً موقناً شاكاً في حالة واحدة.

السابقالتالي
2 3 4