الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ الۤـمۤ } * { تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ بَلْ هُوَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ } * { ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ شَفِيعٍ أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ } * { يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ إِلَى ٱلأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ } * { ذٰلِكَ عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ } * { ٱلَّذِيۤ أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ ٱلإِنْسَانِ مِن طِينٍ } * { ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلاَلَةٍ مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ } * { ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمْعَ وَٱلأَبْصَارَ وَٱلأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ } * { وَقَالُوۤاْ أَءِذَا ضَلَلْنَا فِي ٱلأَرْضِ أَءِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُم بِلَقَآءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ } * { قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ ٱلْمَوْتِ ٱلَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ } * { وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ ٱلْمُجْرِمُونَ نَاكِسُواْ رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَآ أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَٱرْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ } * { وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَـٰكِنْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ } * { فَذُوقُواْ بِمَا نَسِيتُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَآ إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُـواْ عَذَابَ ٱلْخُلْدِ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } * { إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِهَا خَرُّواْ سُجَّداً وَسَبَّحُواْ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ } * { تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } * { فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }

مكية وهي ثلاثون آية مدني وكوفي، وتسع وعشرون آية بصري

بسم الله الرحمن الرحيم

{ الم } على أنها اسم السورة مبتدأ وخبره { تنزيل الكتاب } وإن جعلتها تعديداً للحروف ارتفع { تنزيل } بأنه خبر مبتدأ محذوف أو هو مبتدأ خبره { لا ريب فيه } أو يرتفع بالابتداء وخبره { من رّبّ العالمين } و { لا ريب فيه } اعتراض لا محل له، والضمير في { فيه } راجع إلى مضمون الجملة كأنه قيل: لا ريب في ذلك أي في كونه منزلاً من رب العالمين لأنه معجز للبشر ومثله أبعد شيء من الريب. ثم أضرب عن ذلك إلى قوله { أم يقولون افتراه } أي اختلقه محمد لأن «أم» هي المنقطعة الكائنة بمعنى بل والهمزة معناه بل أيقولون افتراه إنكاراً لقولهم وتعجيباً منهم لظهور أمره في عجز بلغائهم عن مثل ثلاث آيات منه { بل هو الحقّ } ثم أضرب عن الإنكار إلى إثبات أنه الحق { من رّبّك } ولم يفتره محمد صلى الله عليه وسلم كما قالوا تعنتاً وجهلاً { لتنذر قوماً } أي العرب { مّا أتاهم مّن نّذيرٍ مّن قبلك } «ما» للنفي والجملة صفة لـ { قوماً } { لعلّهم يهتدون } على الترجي من رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كان لعله يتذكر على الترجي من موسى وهارون.

{ الله الّذي خلق السّماوات والأرض وما بينهما في ستّة أيّامٍ ثمّ استوى على العرش } استولى عليه بإحداثه { ما لكم مّن دونه } من دون الله { من وليّ ولا شفيعٍ } أي إذا جاوزتم رضاه لم تجدوا لأنفسكم ولياً أي ناصراً ينصركم ولا شفيعاً يشفع لكم { أفلا تتذكّرون } تتعظون بمواعظ الله { يدبّر الأمر } أي أمر الدنيا { من السّماء إلى الأرض } إلى أن تقوم الساعة { ثمّ يعرج إليه } ذلك الأمر كله أي يصير إليه ليحكم فيه { في يومٍ كان مقداره ألف سنةٍ } وهو يوم القيامة { مّمّا تعدّون } من أيام الدنيا ولا تمسّك للمشبهة بقولهإليه } في إثبات الجهة لأن معناه إلى حيث يرضاه أو أمره كما لا تشبث لهم بقوله:إني ذاهب إلى ربي } [الصافات: 99].إني مهاجر إلى ربي } [العنكبوت: 26].ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله } [النساء: 100].

{ ذلك عالم الغيب والشّهادة } أي الموصوف بما مر عالم ما غاب عن الخلق وما شاهدوه { العزيز } الغالب أمره { الرّحيم } البالغ لطفه وتيسيره. وقيل: لا وقف عليه لأن { الّذي } صفته { أحسن كلّ شيءٍ } أي حسنه لأن كل شيء مرتب على ما اقتضته الحكمة { خلقه } كوفي ونافع وسهل على الوصف أي كل شيء خلقه فقد أحسن { خلقه } غيرهم على البدل أي أحسن خلق كل شيء { وبدأ خلق الإنسان } آدم { من طينٍ ثمّ جعل نسله } ذريته { من سلالةٍ } من نطفة { مّن مّاءٍ } أي مني وهو بدل من { سلالة } { مّهينٍ } ضعيف حقير { ثمّ سواه } قومه كقوله

السابقالتالي
2 3