الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ ءَايَاتُنَا وَلَّىٰ مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِيۤ أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ ٱلنَّعِيمِ } * { خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ ٱللَّهِ حَقّاً وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَىٰ فِي ٱلأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ } * { هَـٰذَا خَلْقُ ٱللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ ٱلظَّالِمُونَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ }

{ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ ءايَـٰتُنَا وَلَّىٰ مُسْتَكْبِراً } أعرض عن تدبرها متكبراً رافعاً نفسه عن الإصغاء إلى القرآن { كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا } يشبه حاله في ذلك حال من لم يسمعها وهو حال من { مستكبرا } والأصل كأنه والضمير ضمير الشأن { كَأَنَّ فِى أُذُنَيْهِ وَقْراً } ثقلاً وهو حال من { لم يسمعها } { أذنيه }: نافع { فَبَشّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ إِنَّ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ لَهُمْ جَنَّـٰتُ ٱلنَّعِيمِ } ولا وقف عليه لأن { خَـٰلِدِينَ فِيهَا } حال من الضمير في { لهم } { وَعْدَ ٱللَّهِ حَقّا } مصدران مؤكدان الأول مؤكد لنفسه والثاني مؤكد لغيره إذ لهم جنات النعيم في معنى وعدهم الله جنات النعيم، فأكد معنى الوعد بالوعد، و { حقاً } يدل على معنى الثبات فأكد به معنى الوعد ومؤكدهما { لهم جنات النعيم } { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ } الذي لا يغلبه شيء فيهين أعداءه بالعذاب المهين { ٱلْحَكِيمُ } بما يفعل فيثيب أولياءه بالنعيم المقيم.

{ خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوٰتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ } جمع عماد { تَرَوْنَهَا } الضمير للسماوات وهو استشهاد برؤيتهم لها غير معمودة على قوله { بغير عمد } كما تقول لصاحبك «أنا بلا سيف ولا رمح تراني»، ولا محل لها من الأعراب لأنها مستأنفة أو في محل الجرصفة لـ { عمد } أي بغير عمد مرئية يعني أنه عمدها بعمد لا ترى وهي إمساكها بقدرته { وَأَلْقَىٰ فِى ٱلأَرْضِ رَوَاسِىَ } جبالاً ثوابت { أَن تَمِيدَ بِكُمْ } لئلا تضطرب بكم { وَبَثَّ } ونشر { فِيهَا مِن كُلّ دَابَّةٍ وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَاء مَاء فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِن كُلّ زَوْجٍ } صنف { كَرِيمٍ } حسن { هَـٰذَا } إشارة إلى ما ذكر من مخلوقاته { خَلَقَ ٱللَّهُ } أي مخلوقه { فَأَرُونِى مَاذَا خَلَقَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ } يعني آلهتهم بكّتهم بأن هذه الأشياء العظيمة مما خلقه الله، فأروني ما خلقته الهتكم حتى استوجبوا عندكم العبادة { بَلِ ٱلظَّـٰلِمُونَ فِى ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ } أضرب عن تبكيتهم إلى التسجيل عليهم بالتورط في ضلال ليس بعده ضلال.