الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ ٱلْحِكْمَةَ أَنِ ٱشْكُرْ للَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ } * { وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يٰبُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِٱللَّهِ إِنَّ ٱلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ }

{ وَلَقَدْ ءاتَيْنَا لُقْمَانَ ٱلْحِكْمَةَ } وهو لقمان ابن باعوراء ابن أخت أيوب أو ابن خالته. وقيل: كان من أولاد آزر وعاش ألف سنة وأدرك داود عليه السلام وأخذ منه العلم وكان يفتي قبل مبعث داود عليه السلام، فلما بعث قطع الفتوى فقيل له فقال: ألا أكتفي إذا كفيت؟ وقيل: كان خياطاً. وقيل نجاراً وقيل راعياً وقيل، كان قاضياً في بني إسرائيل. وقال عكرمة والشعبي: كان نبياً. والجمهور على أنه كان حكيماً ولم يكن نبياً. وقيل: خير بين النبوة والحكمة فاختار الحكمة وهي الإصابة في القول والعمل. وقيل: تتلمذ لألف وتتلمذ له ألف نبي. و «أن» في { أَنِ ٱشْكُرْ للَّهِ } مفسرة والمعنى أي اشكر الله لأن إيتاء الحكمة في معنى القول، وقد نبه الله تعالى على أن الحكمة الأصلية والعلم الحقيقي هو العمل بهما وعبادة الله والشكر له حيث فسر إيتاء الحكمة بالحث على الشكر. وقيل: لا يكون الرجل حكيماً حتى يكون حكيماً في قوله وفعله ومعاشرته وصحبته، وقال السري السقطي: الشكر أن لا تعصي الله بنعمه. وقال الجنيد: أن لا ترى معه شريكاً في نعمه. وقيل: هو الإقرار بالعجز عن الشكر. والحاصل أن شكر القلب المعرفة، وشكر اللسان الحمد، وشكر الأركان الطاعة، ورؤية العجز في الكل دليل قبول الكل. { وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ } لأن منفعته تعود إليه فهو يريد المزيد { وَمَن كَفَرَ } النعمة { فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِىٌّ } غير محتاج إلى الشكر { حَمِيدٌ } حقيق بأن يحمد وإن لم يحمده أحد { وَإِذْ } أي واذكر إذ { قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ } أنعم أواشكم { وَهُوَ يَعِظُهُ يٰبُنَىَّ } بالإسكان مكي { يا بني } حفص بفتحه في كل القرآن { لاَ تُشْرِكْ بِٱللَّهِ إِنَّ ٱلشّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } لأنه تسوية بين من لا نعمة إلا وهي منه ومن لا نعمة له أصلاً.