الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَغَيْرَ دِينِ ٱللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ } * { قُلْ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَٱلأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَٱلنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } * { وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ ٱلإِسْلاَمِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي ٱلآخِرَةِ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ } * { كَيْفَ يَهْدِي ٱللَّهُ قَوْماً كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوۤاْ أَنَّ ٱلرَّسُولَ حَقٌّ وَجَآءَهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } * { أُوْلَـٰئِكَ جَزَآؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ ٱللَّهِ وَٱلْمَلاۤئِكَةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ } * { خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ ٱلْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ } * { إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ٱزْدَادُواْ كُفْراً لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلضَّآلُّونَ } * { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ ٱلأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ ٱفْتَدَىٰ بِهِ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ } * { لَن تَنَالُواْ ٱلْبِرَّ حَتَّىٰ تُنْفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ } * { كُلُّ ٱلطَّعَامِ كَانَ حِـلاًّ لِّبَنِيۤ إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَىٰ نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ ٱلتَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُواْ بِٱلتَّوْرَاةِ فَٱتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { فَمَنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ } * { قُلْ صَدَقَ ٱللَّهُ فَٱتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } * { إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ } * { فِيهِ ءَايَٰتٌ بَيِّنَـٰتٌ مَّقَامُ إِبْرَٰهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَللَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلْبَيْتِ مَنِ ٱسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱلله غَنِيٌّ عَنِ ٱلْعَٰلَمِينَ }

{ أَفَغَيْرَ دِينِ ٱللَّهِ } دخلت همزة الإنكار على الفاء العاطفة جملة على جملة، والمعنى فأولئك هم الفاسقون فغير دين الله يبغون، ثم توسطت الهمزة بينهما. ويجوز أن يعطف على محذوف تقديره: أيتولون فغير دين الله يبغون. وقدم المفعول وهو غير دين الله على فعله لأنه أهم من حيث إن الإنكار الذي هو معنى الهمزة متوجه إلى المعبود بالباطل { يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ } الملائكة { وٱلأَرْضِ } الإنس والجن { طَوْعاً } بالنظر في الأدلة والإنصاف من نفسه { وَكَرْهًا } بالسيف أو بمعاينة العذاب كنتق الجبل على بني إسرائيل وإدراك الغرق فرعون والإشفاء على الموت، فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده. وانتصب { طَوْعًا وَكَرْهًا } على الحال أي طائعين ومكرهين { وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ } فيجازيكم على الأعمال «يبغون» و«يرجعون» بالياء فيهما: حفص، وبالتاء في الثاني وفتح الجيم أبو عمرو لأن الباغين هم المتولون والراجعون جميع الناس، وبالتاء فيهما وفتح الجيم: غيرهما.

{ قُلْ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا } أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يخبر عن نفسه وعمن معه بالإيمان فلذا وحد الضمير في «قل» وجمع في «آمنا» أو أمر بأن يتكلم عن نفسه كما يتكلم الملوك إجلالاً من الله لقدر نبيه. وعدي «أنزل» هنا بحرف الاستعلاء وفي البقرة بحرف الانتهاء لوجود المعنيين، إذ الوحي ينزل من فوق وينتهي إلى الرسول، فجاء تارة بأحد المعنيين وأخرى بالآخر. وقال صاحب اللباب: الخطاب في البقرة للأمة لقوله { قُولُواْ } فلم يصح إلا «إلى» لأن الكتب منتهية إلى الأنبياء وإلى أمتهم جميعاً، وهنا قال «قل» وهو خطاب للنبي عليه السلام دون أمته فكان اللائق به «علي» لأن الكتب منزلة عليه لا شركة للأمة فيه، وفيه نظر لقوله تعالى:وَقَالَت طَّائِفَةٌ مّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ ءامِنُواْ بٱلَّذِى أُنزِلَ عَلَى ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ } [آل عمران: 72] { وَمَا أُنزِلَ عَلَىٰ إِبْرٰهِيمَ وَإِسْمَـٰعِيلَ وَإِسْحَـٰقَ وَيَعْقُوبَ وَٱلأَسْبَاطِ } أولاد يعقوب وكان فيهم أنبياء { وَمَا أُوتِىَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَٱلنَّبِيُّونَ } كرر في البقرة و«ما أوتي» ولم يكرر هنا لتقدم ذكر الإيتاء حيث قال «لما آتيتكم» { مّن رَّبّهِمُ } من عند ربهم { لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مّنْهُمْ } في الإيمان كما فعلت اليهود والنصارى { وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } موحدون مخلصون أنفسنا له لا نجعل له شريكاً في عبادتنا { وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ ٱلإسْلَـٰمِ } يعني التوحيد وإسلام الوجه لله أو غير دين محمد عليه السلام { دِينًا } تمييز { فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِى ٱلآخِرَةِ مِنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ } من الذين وقعوا في الخسران ونزل في رهط أسلموا ثم رجعوا عن الإسلام ولحقوا بمكة.

{ كَيْفَ يَهْدِى ٱللَّهُ قَوْمًا كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَـٰنِهِمْ } والواو في { وَشَهِدُواْ أَنَّ ٱلرَّسُولَ حَقٌّ } للحال و «قد» مضمرة أي كفروا وقد شهدوا أن الرسول أي محمداً حق، أو للعطف على ما في إيمانهم من معنى الفعل لأن معناه بعد أن آمنوا { وَجَاءهُمُ ٱلْبَيّنَـٰتُ } أي الشواهد كالقرآن وسائر المعجزات { وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ } أي ما داموا مختارين الكفر، أو لا يهديهم طريق الجنة إذا ماتوا كفاراً { أُوْلَـٰئِكَ } مبتدأ { جَزَآؤُهُمْ } مبتدأ ثانٍ خبره { أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ ٱللَّهِ } وهما خبر «أولئك» أو «جزاؤهم» بدل الاشتمال من «أولئك» { وَٱلْمَلـٰئِكَةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ خَـٰلِدِينَ } حال من الهاء والميم في «عليهم» { فِيهَا } في اللعنة { لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ ٱلْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ } الكفر العظيم والارتداد { وَأَصْلَحُواْ } ما أفسدوا أو دخلوا في الصلاح { فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ } لكفرهم { رَّحِيمٌ } بهم.

السابقالتالي
2 3 4 5