الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ الۤمۤ } * { ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْحَيُّ ٱلْقَيُّومُ } * { نَزَّلَ عَلَيْكَ ٱلْكِتَٰبَ بِٱلْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ ٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنْجِيلَ } * { مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ ٱلْفُرْقَانَ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ ذُو ٱنْتِقَامٍ } * { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَخْفَىٰ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِي ٱلسَّمَآءِ } * { هُوَ ٱلَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي ٱلأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَآءُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ ٱلْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ٱبْتِغَاءَ ٱلْفِتْنَةِ وَٱبْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ ٱللَّهُ وَٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ } * { رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ ٱلْوَهَّابُ } * { رَبَّنَآ إِنَّكَ جَامِعُ ٱلنَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُخْلِفُ ٱلْمِيعَادَ }

{ الم * ٱللَّهُ } حركت الميم لالتقاء الساكنين أعني سكونها وسكون لام «الله» وفتحت لخفة الفتحة، ولم تكسر للياء وكسر الميم قبلها تحامياً عن توالي الكسرات، وليس فتح الميم لسكونها وسكون ياء قبلها إذ لو كان كذلك لوجب فتحها في «حم». ولا يصح أن يقال: إن فتح الميم هو فتحة همزة «الله» نقلت إلى الميم لأن تلك الهمزة همزة وصل تسقط في الدرج وتسقط معها حركتها، ولو جاز نقل حركتها لجاز إثباتها وإثباتها غير جائز. وأسكن يزيد والأعشى الميم وقطعا الألف، والباقون بوصل الألف وفتح الميم و«الله» مبتدأ { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } خبره وخبر «لا» مضمر والتقدير: لا إله في الوجود إلا هو، «وهو» في موضع الرفع بدل من موضع «لا»، واسمه { ٱلْحَيُّ ٱلْقَيُّومُ } خبر مبتدأ محذوف أي هو الحي، أو بدل من «هو» و«القيوم» فيعول من قام وهو القائم بالقسط والقائم على كل نفس بما كسبت { نَزَّلَ } أي هو نزل { عَلَيْكَ ٱلْكِتَـٰبَ } القرآن { بِٱلْحَقِّ } حال أي نزله حقاً ثابتاً { مُصَدِّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } لما قبله { وَأَنزَلَ ٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنجِيلَ } هما اسمان أعجميان وتكلف اشتقاقهما من الورى والنجل، ووزنهما بتفعلة وافعيل إنما يصح بعد كونهما عربيين. وإنما قيل «نزل الكتاب» و«أنزل التوراة والإنجيل» لأن القرآن نزل منجماً ونزل الكتابان جملة { مِن قَبْلُ } من قبل القرآن { هُدًى لّلنَّاسِ } لقوم موسى وعيسى أو لجميع الناس { وَأَنزَلَ ٱلْفُرْقَانَ } أي جنس الكتب لأن الكل يفرق بين الحق والباطل، أو الزبور، أو كرر ذكر القرآن بما هو نعت له تفخيماً لشأنه { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِأيَـٰتِ ٱللَّهِ } من كتبه المنزلة وغيرها { لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ ذُو ٱنتِقَامٍ } ذو عقوبة شديدة لا يقدر على مثلها منتقم { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَخْفَىٰ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِي ٱلسَّمَاءِ } أي في العالم فعبر عنه بالسماء والأرض أي هو مطلع على كفر من كفر وإيمان من آمن وهو مجازيهم عليه { هُوَ ٱلَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي ٱلأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ } من الصور المختلفة { لا إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْعَزِيزُ } في سلطانه { ٱلْحَكِيمُ } في تدبيره. روي أنه لما قدم وفد بني نجران وهم ستون راكباً. أميرهم العاقب وعمدتهم السيد وأسقفهم وحبرهم أبو حارثة خاصموا في أن عيسى إن لم يكن ولداً لله فمن أبوه؟ فقال عليه السلام: " ألستم تعلمون أنه لا يكون ولد إلا وهو يشبه أباه؟ " قالوا: بلى. قال: " ألم تعلموا أن الله تعالى حي لا يموت وعيسى يموت، وأن ربنا قيم على العباد يحفظهم ويرزقهم وعيسى لا يقدر على ذلك، وأنه لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء وعيسى لا يعلم إلا ما علم، وإنه صور عيسى في الرحم كيف شاء فحملته أمه ووضعته وأرضعته، وكان يأكل ويحدث وربنا منزه عن ذلك كله "

السابقالتالي
2